c حديث الجمعة – الصفحة 2 – موقع سماحة الشيخ عبدالزهراء الكربابادي

الوسم: حديث الجمعة

  • حسن العاقبة(1)

    حسن العاقبة(1)

    حسن العاقبة(1) – حديث الجمعة – (14/12/2012)

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

    ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.

    ورد عن مولانا الإمام الهادي (ع) قال:

    (من اتقى اللـه يُتَّق ، ومن أطاع اللـه يُطَع ، ومن أطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين ، من أمن مكر اللـه وأليم أخذه تكبر حتى يحل به قضاؤه ونافذ أمره ، ومن كان على بينة من ربه هانت عليه مصائب الدنيا ولو قرض ونشر )

    مقدمة :

     سنة الله في أرضه أن للأفعال آثاراً , أفعال الإنسان لها آثار، فلا يكون الإنسان سيىء العاقبة من غير سبب ولا ينال حسن العاقبة من غير سبب ، وإنما ما يفعله الإنسان ويقوم به من أفعال هو الذي يمهد ذلك .

    سعادة الإنسان في هذه الحياة وتحقيق الخير في هذ ه الحياة إنما هو بأفعال الناس سواء كانت فردية أم كانت جماعية أم إجتماعية ، (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) .

    وقال تعالى : ( ذلك بأن الله لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم .)

    الله سبحانه وتعالى سميع عليم ، وهو يعلم ويسمع ، يعلم بخفايا ما يحمله الإنسان وما يبطنه الإنسان في نفسه فيعطيه بما يحمل في نيتيه , ويعطيه بما يعمله في الخارج فنية الإنسان وعمل الإنسان لهما الأثر في تحقيق حسن العاقبة وعدمها .

    الحديث يقول : ( من أمن مكر الله وأليم أخذه تكبر) الذي لا يراقب نفسه ويأمن الموت ولا يلتفت أن الموت يأتي بغتة ، أن الحياة تنتهي أي لحظة ، يتكبر ويسرف ويرى نفسه فيرتكب المعاصي ويخالف حتى يحل به قضاؤه ونافذ أمره لا يلتفت الا أنه قد أخذ .

     أولا : حقيقة السعادة هي الخاتمة حديثنا حول حسن العاقبة

    حقيقة السعادة هي الخاتمة

     يقول علي (ع) 🙁 إن حقيقة السعادة أن يختم للمرء عمله بالسعادة وإن حقيقة الشقاء أن يختم للمرء عمله بالشقاء فالنهاية هي السعادة )

    السعادة ليست القسم الأول من حياة الإنسان , وإنما السعادة هي عاقبة الإنسان , لذلك ربما يعيش الشخص مثلا في بادىء حياته سعيدا ومسرورا مع الناس مع أهله متمكن , أو شخص حاكم كالطغاة الذين سقطوا كصدام وغيره مثلا يتنعم ويسيطر ويتجبر ولكنه في آخر حياته تنقلب الأمور فيكون ذليلا فينسى كل ما مضى من سعادته وكأنه لم يحدث  ـ كان يأمر ، كان الكل يحسب له ألف حساب ـ ولكن هذه المدة وهذه الفترة من السيطرة والسلطة انتهت وليس لها أي أثر ولا وجود في نفسه وإنما ينظر للنهاية فنهايته سيئة يعني ليست عنده سعادة فهو يرى هذه النهاية

    إذاً السعادة هي العاقبة والنهاية والعاقبة والنهاية ذكرنا لها مثال في هذه الدنيا أن يختم الإنسان في آخر عمره أن يكون سعيد لذلك لو خير الإنسان وقيل له مثلا حتى بمثال بسيط أن يجلس مثلا في غرفة وينعم فيها ويعطى ما يريد ويقال بعد ذلك يخرج ويضرب بالسوط يرفض هذه النهاية ولكنه لو قيل له العكس أنك تضرب كذا ثم تخرج وتسيطروتحصل يقبل هذه النهاية

    إذا نظر الإنسان لطبيعته حتى المادي للنهاية وليس لبادىء الحياة , ماذا يختم الإنسان في حياته هو المطلوب ، لذلك نقول يجب على الإنسان أن يكون نظره أعمق وأبعد ، الدنيا كلها بداية كما أننا نقسم الدنيا لقسم أول وثاني وثالث ونقول نهاية وأخير يجب علينا أن ننظر للدنيا أن هذه الدنيا كلها هي البداية والعاقبة هي الآخرة كم للدنيا من حظ في حياة الإنسان الحقيقية هي لا تشكل لحظة ولا تشكل شيىء يذكر في القياس للآخرة ، إذا يتأمل الإنسان عليه أن يفكر ويحدد ويقرر هل هناك آخرة أو لا ليس من الصحيح أن يغفل هذا الإحتمال لو كان الشخص غير مؤمن بالآخرة عليه أن يفكر ويحدد هل توجد آخرة أو لا بحيث أنها تستحق التضحية أو التقديم من أجلها أو لا توجد ، عليه أن يقرر ويحدد فإذا رأى أن الدنيا تزول وتنتهي فليأخذ الموقف المناسب لهذه النظرة وهذه الرؤيا.

    أكثر الموجودين في هذه المنطقة لم يكونوا موجودين قبل خمسين أو ستين أو سبعين سنة , ألا يجب علينا أن نفكر ونتأمل هذه العاقبة؟!

    تجد العالم يسيرهكذا ، الناس يجب أن يحددون إلى أن يمضون إلى أين يذهبون ؟ هناك موت واضح ومحتم ، فهل هناك عاقبة أخرى أو لا؟

     فإذا كانت هناك عاقبة أخرى فلنعلم أنها هي المكان الذي يجب أن تكون فيه السعادة الأبدية ، علينا أن ننظر إلى هذه الحقيقة , إن السعادة الحقيقية هي في الآخرة وليست في هذه الدنيا ، أيضا من الأمور المهمة أن نلتفت أنه لا تنافي بين الآخرة وبين تحصيل الدنيا الحلال

    السعادة التي يريدها الإنسان والتمتع بنعيم الدنيا والتقدم وغيره ، يتوافق ولا يتعارض مع الدين , الدين لا يرفض ذلك , الدين لا يقول لك لا تتمتع ، الدين لا يقول لك لا تتعلم ، الدين لا يقول لا تتطور،  بل يدعوك لكل ذلك ولكنه يعطيك ضابطة ونظام يحفظك فإن كان على مستوى العلاقات مع النساء يقول تزوجوا أيضا ما طاب لكم ويقول حب النساء من الإيمان وإن كان على مستوى الأكل يقول كلوا واشربوا ولا تسرفوا الإسراف , ضرر الإسراف عليكم ليس في الآخرة فقط بل في الدنيا كلوا بالحلال حافظوا على أنفسكم تملك المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف يجب أن تكون قويا وتملك لكنك لا تكن ضعيفا أمام  المادة لا تأخذها بطريق محرم عليك أن تكون قوي في الطريق الصحيح . إذا الإسلام يدعوك لكل خير ولا تعارض بينه وبين الدنيا  الحلال .

     ثانيا : الإنسان هو الذي يقرر نوع عاقبته

    الإنسان هو الذي يقرر نوع عاقبته ولا جبر في ذلك ليس هناك جبر ، ربما يتصور البعض بجهالة أو يفهمه البعض بجهالة ما يقرؤونه من أحاديث ، مثلا السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه ، هذا المعنى وارد كثير ولكنه عن ماذا يكشف ؟ هذا الحديث وأمثال هذا الحديث يبين أن الإنسان قرر له أن يكون كذلك لكن باختياره ليس بالجبر بمعنى آخر هذا الحديث يكشف عن علم الله سبحانه وتعالى  بعاقبة الإنسان لا أنه يفرض على الإنسان هذه العاقبة ،

    فالحديث لا يقول  نجبر الإنسان أن يكون سيىء ولكن يقول نعلم أن هذا الإنسان سوف يختار الطريق السيىء نعلمه وهو في بطن أمه،  قبل وجوده فهذا يكشف عن العلم ولكنه لا يجبر الإنسان . الإنسان باختياره عليه ان يختار .

     ثالثا: من أسباب سوء العاقبة من الأمور التي تسبب سوء العاقبة

       1ـ الغفلة : الغفلة تدعو الإنسان للبعد عن الله والتعلق بالدنيا لانه إذا انقطع عن الأخرة إنقطع عن التفكير بمصيره بعاقبته يرتبط بالأمور التي تحدث بين يديه ، لماذا يسمى الإنسان إنسانا؟

     لأنه يأنس بالأمور القريبة ويغفل عن الأمور البعيدة ، الآخرة أمر بعيد في الواقع هو قريب لكنه يراه بعيد فيغفل ولا يلتفت لذلك يتعلق هنا بهذه اللذة الزائلة أو بهذه المعصية وغيرها ويغفل،  فإذا تعلق وغفل عما يراد به أو ما ينتهي إليه أمره صار سبب من أسباب سوء العاقبة .

     التساهل في الزلات : ربما يقول البعض هذه زلة بسيطة ، معصية بسيطة .

     معصية تجره إلى معصية ربما مثلا نظرة محرمة أو شيىء بسيط أو أكل شبهة لايطمئن إليه لكنه يقول الأمر بسيط  ونقول له لكن أثره عظيم ، إذا انطبعت الصورة المحرمة في قلب الإنسان ماذا تعني؟

    تعني تكون علم باطني،علماء النفس يقولون الضمير هو مع مجموعة ما يحصله الإنسان من معلومات ، يقولون الإنسان إ في صغره يتلقى المعلومات وتبقى هذه المعلومات في ذاكرته , يتلقى أن هذا الأمر قبيح وهذا الأمر جميل وهذا جيد وهذا غير جيد وهذه الأمور تنطبع في النفس وما يتعرض له في حياته بعد ذلك يقيسه إلى هذه المعلومات التي في نفسه فإن كانت يراها حسنة يقبلها ، إن كانت سيئة يرفضها ، هنا إذا الإنسان ارتكب بعض الزلات وبعض المخالفات وانطبعت صورها في قلبه صار قلبه مهيأ لتلقي وتقبل المخالفات والمعاصي إلى أن يأتي غيرها وغيرها ومن حام حول  الحمى اوشك أن يقع فيه ، فيقع بما هو أكبر , لذلك لا يتساهل بالزلات عليه أن يلتفت ولا يتساهل مع المعاصي التي يراها قليلة أو صغيرة .

    رابعا:  من أسباب حسن العاقبة

    1ـ نية الخير : هذه من الأمور المهمة أن يكون الإنسان دائما في نفسه يستحضر نية الخير وحب الخير للناس ، نية الخير للناس سواء كانوا صالحين أوغير صالحين بل  يجب عليه أن لا يرى نفسه أصلح من غيره

    يقول الإمام الراحل (رض) : عندما تريد أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وترى شخصا يرتكب المنكر وأنت لا ترتكبه

    يقول لا تجعل في نفسك أنك أفضل منه فربما هو عند الله أفضل إذ ربما عنده صفة محبوبة عند الله تعالى وهذه الصفة ليست موجودة عندك فيكون هو عند الله أفضل , فعليك أن تحمل في نفسه الخير وحب الخير للجميع .

    2ـ  الوفاء والإيثار والتضحية

    أن يكون عنده استعداد يوطن نفسه على الإيثار وتقديم الآخرين،  شخص معوز محتاج وأنت تستطيع أن تقدم بادر وقدم الخير للآخرين .

    3ـ  العفو والتجاوز

    هذه من الصفات المهمة العفو والتجاوز ، تكون مهمة إذا كنت في مورد أو موضع اعتدي عليك ، إرتكب شخص خطأ في حقك ، أساء إليك ، هنا تعفو،  تتجاوز تبعد الأثر من نفسك ، لا تحمل عليه ضغينة في نفسك ، لا تتحدث عنه إذا عملت

    خامسا : أحاديث تبين صفات من ينال حسن العاقبة.

    الحديث الأول: عن الامام الصادق (ع) قال: (ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله يوم القيامة حتى يفرغ الناس من الحساب رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه ، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل على أحدهما بشعيرة ، ورجل قال الحق فيما له وعليه)

    هذا كما يقول السيد الخامنائي أصعب المحطات ، أصعب

    المواقف ، أصعب الأمور يوم القيامة هو عند الحساب عند

    الحساب , وهذه الأوصاف إذا توفرت في شخص كان أقرب إلى

    الله تعالى ، كان أقرب الخلق إلى الله يوم القيامة ،

    1ـ  رجل لم يظلم من هو دونه في حال غضبه عليه

    أنت مسيطر سواء كنت في البيت  مع الأولاد , أو مع الزوجة ,

    أو مدرس في مؤسسة أو في أي مورد آخر شخص يقع تحت

    يديك وأساء إليك إذا لم تظلمه ، وأنت تستطيع أن تنتقم منه ,

    ولكنك في هذه الحال لم تنتقم ولم تظلمه ولم تسىء إليه , تكن

    بتحقيق هذه الصفة في نفسك أقرب الناس إلى الله يوم القيامة .

    إذاً هذا الأمر يهيىء ويجعلك تحصل على حسن العاقبة , تضمن

    أنك تكون أقرب إلى الله يوم القيامة .

    2ـ الرجل المصلح بين اثنين لا يميل لطرف على طرف

    رجل أصلح بين إثنين ، شخصان يختلفان فوسطاك  بينهما ،

    تأتي لتصلح بين الإثنين لا تميل لهذا , لا تتحدث بما يرضي هذا

    وإنما تعمل بالحق ، فلا تميل لأحد تكن عند الله أقرب .

    3ـ الشخص الذي يقول الحق دائما له أو عليه

     لا أنه إذا كان الأمر متعلق بغيره يتكلم بالكلام الصحيح

    وبالحق والإنصاف , ولكن بمجرد أن يأتي الكلام عنه يبرر

    ويبحث عن مخرج هنا وهنا ، يقول الحق له أو عليه ، يكون

    أقرب إلى الله تعالى .

    الحديث الثاني: قال سول الله (ص) :(غفر الله عز وجل لرجل كان من قبلكم كان سهلا إذا باع ، سهلا إذا اشترى ، سهلا إذا قضى ، سهلا إذا قضي )

    هذا الحديث أيضا يبين ، الأمر الآخر أو يصب في هذا المجال ، النتيجة الأحاديث هذه كلها تتحدث عن حسن المعاملة مع الناس :

    1ـ رجل سهل إذا باع ,عنده بيع للناس إذا أراد أن يبيع الآخرين لا يعقد الأمور ، سهل في بيعه , لا يصف و يمدح سلعته ويصر على إجحاف الأخرين حتى لو كانوا بحاجة .

    2ـ سهل إذا اشترى , عندما يشتري هو أيضا مثلا بعض الناس إذا جاء يشتري بضاعة لا يترك عيبا إلا يضعه فيها حتى يقل سعرها ، هذا الأمر مكروه شرعا ومرفوض .

    3ـ سهل إذا قضى , السهولة أيضا عنده إذا قضى بين الناس ، لو كان في مورد يقضي بين الناس , سواء كان قاضيا رسميا أو كان في مورد خاص ولو في البيت بين الأولاد ، يحكم بينهم هذا صح وهذا خطأ يكون سهل سهل ماذا يعني ؟

    يعني أنه لو كان مخير بين أمرين أحدهما فيه مشقة والآخر فيه سهولة وكلاهما صحيح ، يختار الأسهل حتى لو كان قاضيا والقانون عنده فيه سعة بين الأسهل وبين الأصعب ، لا يدقق ويختار الاسهل .

     4ـ سهل إذا قضي في حقه

    إذا كان القاضي يحكم في حقه بأمر شرعي له أو عليه , وقيل له مثلا أنت عليك كذا وكذا سهل يسلم و يقبل بحكم الله سبحانه وتعالى ، هذا الشخص يقول عنه النبي (ص) غفر الله عز وجل له.

    الحديث الثالث: عن أبي عبد الله الحسين(ع) ( ثلاثة يدخلهم الله الجنة بغير حساب وثلاثة يدخلهم الله تعالى النار بغير حساب ، فأما الذين يدخلهم الله الجنة بغير حساب فإمام عادل وتاجر صدوق وشيخ أفنى عمره في طاعة الله عز وجل وأما الثلاثة الذين يدخلهم الله النار بغير حساب فإمام جائر وتاجر كذوب وشيخ زان  )

    أولا:في هذا الحديث,ثلاثة طوائف تدخل الجنة بغير حساب :

    1ـ الإمام العادل هنا بمعنى الحاكم السيد الخامنائي يقول بما معناه الحاكم ، الحاكم سواء كان سلطانا يحكم البلاد بأكملها أو كان يحكم في مؤسسة ، الذي يحكم هو الإمام فإن كان عادلا دخل الجنة بغير حساب سواء كان بالمستوى الكبير أو بالمستوى القليل في سعة حكمه ودائرة حكمه .

    2ـ  التاجرالصدوق , لما له من تأثير في حياة الناس واستقرارهم إذا كان صدوقا لا يغش , عمله صالح ، يسهل أمور الناس يدخل الجنة أيضا بغير حساب .

    3 ـ الشيخ العابد , وهو الرجل المسن رجل كبير ولكن أفنى عمره في طاعة الله ، أيضا يدخل الجنة بغير حساب .

     ثانيا: وثلاث طوائف أخرى تدخل النار بغير حساب :

    1ـ  الإمام الجائر يدخل النار بغير حساب هذا الإمام سواء كان يحكم البلد أو كان أقل , سعة الحكم عنده كثيرة وكبيرة أم قليلة , يدخل النار بغير حساب لا قيمة لعمله ، لا قيمة لعبادته ، لا قيمة لصدقة يتصدق بها وغيرها من الأعمال , كل ما يعمل ليست له قيمة ما دام جائر ،

    2ـ  التاجر الكذوب لأنه يسبب الخلل في معيشة الناس أيضا يدخل النار بغير حساب ، مباشرة إلى النار ،

    3ـ  الشيخ الزاني , الرجل المسن الذي يتبع الشهوات فيبتلى بالزنا ، إذا لم يتب وصارشيخا كبيرا ولكنه مواصل في المعاصي والزنا والإنحراف فهو يدخل إلى النار بغير حساب .

     إذاً من هذه الأحاديث يتبين التركيز على أمر مهم وهو المعاملة ، المعاملة وإصلاح الإنسان في الجانب العملي مقدم على إصلاحه في الجانب العبادي ، العبادة وإن كانت جيدة ومهمة , ولكن من هذه الأحاديث تبين أن الذي يقدم ويكون أقرب الخلق إلى الله هو الذي يكون في جانبه العملي متزن يعمل بما يرضي الله ، بعيدا عما يسخط الله سبحانه وتعالى في معاملة الناس.

    موضوع البلد:

    دعوة الحوار

    توجد دعوة للحوار وتوجد مداهمات للبيوت الآمنة واعتداءات على النساء والأطفال ، هذه الدعوة ماذا تكشف ؟

    هل هي صادقة أم لا ؟

    هذه الدعوة نتمنى أن تكون صادقة ونرجو أن تكون صادقة ولكن الواقع يفسر الخلاف العكس ، المداهمات للبيوت والإختطافات والإعتداءات تبين أن الأمر على العكس إنها ليست دعوة حقيقية ربما تكون فقط للإعلام وربما تكون ناظرة لهذه الفترة للعيد الوطني ، الإحتفال بالعيد الوطني ولكننا نتمنى أن تكون الحكومة صادقة في الدعوة للحوار ، أن يكون النظام صادقا في ذلك ويبرهن على صدقه بالعمل وليس بالألفاظ فقط ، المقدمات يجب أن يكون لها واقع ملموس على الأرض وإلا فهذه دعوة فارغة كاذبة ليست لها قيمة .

    رفع الحظر عن المسيرات المطالبة بالحقوق ، سمعنا رفع الحظر عن المسيرات , يسمح للمسيرات السلمية والتعبير عن الرأي , بالأمس كانت المسيرات تعيق واليوم صارت لا تعيق ، رفع الحظر عن المسيرات المطالبة بالحقوق نراه مع قمع وإصابات متعددة وإغراق المناطق بالغازات السامة ، هذا ما رأيناه البارحة وبالأمس وقبله وهو مستمر ، إصابات كثيرة وإغراق المناطق بالغازات وضرب كل من يحتج فأي رفع للحظر؟

    هذا الرفع للحظر هل هو للعمل ليخرج الناس يتظاهروا ويطالبوا أم أنه للخارج فقط ليقال للخارج رفعنا الحظر وسمحنا وتوجد ديمقراطية وحرية ، يتبين أنه للخارج ليس للعمل رفع الحظر وبنفس الوقت القوات منتشرة في كل مكان ومن يطالب أو من يعتصم أو يتظاهر يقمع فهذه دعوة أو طرح غير صادق في هذا المجال..

    قالوا استمرار الإصلاح ولا زالوا مستمرين في الإصلاح وهدم المساجد ، نصلح ونهدم المساجد ، كيف تتركب الأمور؟

     يدل على أنه لا توجد نية إصلاح حقيقية وإنما هذه الحكومة صعبة غاية في الصعوبة وكلما استطاعت أن تلتف على المطالب وأن تفبرك وأن تضلل الخارج لن تتوانى ولن تتوقف عن ذلك سوف تعمل كل ما تستطيع من أجل التضليل وهنا ننتقل إلى ملاحظة أخرى وهي الاخيرة ،

    الحكومة وما نراه من المتنفذين والمرتزقة ليس عندهم شيىء محترم ولا عهد ولا شيىء مقدس وإنما يسعون فقط لتضليل الرأي العالمي الخارجي , وقمع للشعب  داخليا ، وإذا استطاعوا أن يقمعوا الناس في مطالبهم من غير أن يصل الصوت للخارج لن يتوقفوا وسوف يعملون ذلك .

    ملاحظة مهمة:

     ولكن عندهم سلاح قوي وهو سلاح الفتنة وهذا اقوى شيىء وهذا ما تعول عليه جميع الأنظمة في العالم ، الأنظمة الفاسدة والمستعمره في الخارج تعول في حفظ مصالحها في هذا البلد في هذه المنطقة على الفتنة فتنة بين الشيعي والسني لم تفلح ولله الحمد ، زرعوا الفتنة في مناطق أخرى باسم اللون وباسم الجنس والعنصر وما شاء الله فلحوا في بعضها وفي بعضها لم يفلحوا , هنا الفتنة في البحرين الآن التوجه الفتنة التي يجب أن نلتفت اليها هي الفتنة بين المطالبين هذا الشعب الذي يطالب بحقوقه وهو الشعب المظلوم بمختلف شرائحه وأطيافه ، جميع المؤسسات السياسية والمطالبين من غير مؤسسات سياسية إذا لم يكونوا موحدين  وإذا صرنا مثلا نتوجه لبعضنا البعض ونشتم بعضنا البعض ونسينا من هو العدو ،، العدو هو المنتهك للحقوق ، العدو هو المرتزق هو الذي يسلب حقوق الناس ، ليس العدو الشيخ فلان أو المؤسسة الفلانية ، إذا صرنا من غير وعي ولسنا  بقدر المسؤولية بحيث نشخص من هو الطرف الذي نحارب وصار التوجه أن فلان عميل وفلان مثلا لا يريد الحل ، إذا صرنا نتهم بعضنا البعض تمكنت السلطة وتمكن النظام أن يجري ويمشي في سياسته وقمعه وتنتهي المطالبة كلها ، لذلك ما أو صي به في هذا المجال والعلماء يوصون به التوحد , أن نعرف عدونا وأن نعرف مطالبنا ولا نحارب  بعضنا البعض في ذلك ننتصر وبغيرها تتحقق الفتنة التي يريدونها ونخسر .

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

  • عاشوراء الحسين(ع) ( 4 )

    عاشوراء الحسين(ع) ( 4 )

    عاشوراء الحسين -4- حديث الجمعة (30-11-2012)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    {يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم {

    آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

    نهضة الحسين (ع) ثورة تكتب الحياة ، ثورة يقوم بها الدين , أشهد أنك قد أقمت الصلاة وأتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر , يقوم الدين ويستقر بثورة الحسين (ع) .

    اولا: تساؤلات حول هذا المدعى والإجابة عليها :

    1-           لماذا نقول أن نهضة الحسين حياة للدين وقيام للصلاة ؟ وما هو الدليل؟ وكيف تكون هذه الثورة هي قيام للدين ؟

    2-           ألا توجد فجائع وجرائم مشابهة بل ربما أكثر حدثت ووقعت في العالم ؟ جرائم كثيرة ربما بظاهرها أكثر مما وقع في كربلاء , من بقر البطون وقتل الجميع من الرجال والنساء وحرقهم وغير ذلك , فلماذا الحديث حول ثورة الحسين وأنها هي حياة الدين ولماذا أنها عظيمة ونقول لا يوم كيومك يا أبا عبد الله .

    3-           إذا كانت ثورته (ع) هي تقديم دم لشخصية عظيمة ففي التاريخ شخصيات عظيمة وثائرة أيضا وقد قتلت ومثل بها , فلماذا خصص الحسين (ع) وثورة الحسين (ع) بهذه المعاني ؟

     الجواب:

    أ‌-    أنها نهضة إالهية وليست مجرد حادث وقع او جريمة وقعت على مجموعة من الناس , وكل شيىء في الوجود له  قيمة , وقيمته بقدر ارتباطه بالله سبحانه وتعالى , فبقدر ما يكون الإنسان مرتبط بالله تكن لفعله تلك القيمة وبذلك المقدار , ربما يقدم مثلا شخص عطاءا لأحد كصدقة لأحد فماذا يمثل بهذا العطاء؟ فبقدر إخلاصه بقدر صدقه تكون لعمله تلك القيمة عندما يقف الشخص ويصلي ويكبر في الصلاة , فقيمة هذه الصلاة بقيمة ارتباطه بالله , بقدر صدقه بقدر إخلاصه , فكل شيىء يعرف بقدر الارتباط بالله سبحانه وتعالى , فالحسين (ع) في نهضته بخروجه بثورته , في كل حركة تحركها كانت هي الذوبان في الله سبحانه وتعالى وهي الإخلاص بالله والإرتقاء والإرتباط بالله و كلما تقدم كلما تقدم الإرتقاء أكثر فأكثر لذلك تكون باقية وخالدة الحديث يقول(كل شيىء لم يبدأ ببسم الله فهو أبتر) أي ليست له قيمة باقية , أبتر يعني منقطع إلا أن يكون مرتبطا بالله فإذا كان مرتبطا بالله فهو ليس أبتريعني ليس منقطع بمعنى أنه خالد وباقي ومستمر  .

    ب‌-          أنها بطولة عظيمة رسم معالمها الحسين (ع) الذي ارتكبت هذه الجريمة بحقه .الحسين(ع) هو اختار هذه الحركة,  باختياره وليس مجبرا فكان بإمكانه تفادي هذه الفاجعة  وكان بإمكانه تفادي كثير من صورها كحمل النساء والأطفال وو , فقد وقع ما وقع عليه وعلى أهل بيته باختياره وبالصورة التي أرادها الحسين(ع) من الخروج بالمجموعة الخاصة التي اختارها الحسين (ع) بحيث أنه لم يبقي أحدا معه ممن فيهم ميل للدنيا أو تعلق بأوهام الدنيا هو بإخلاصه , ومن معه بإخلاص ومن التحق معه و اهتدى بهديه بالإخلاص أيضا , ليس لوجود الدنيا شيىء في نفسه , ولا في  نفوس من معه , ولا يبحث عن مبرر ولا يبحث عن عذر ليتراجع , لا هو ولا من معه  فهم صفوة خالصة مرتبطة بالله سبحانه وتعالى .

    ت‌-           يقول الشهيد المطهري: توجد سيول لدماء كثيرة لكنها تخلق ما تحمله تلك الدماء من حرارة ونشاط وحيوية .

    فكم من الدماء تقدم , وفي العالم مجازر كثيرة ولكن ما نسمعه من القتل هنا وهنا من المجازر الوحشية قيمتها ليس بسقوط الدماء وكمية الدماء وإنما بما تحمل وبما يحمل أصحاب هذه الدماء من مبادىء ومن إخلاص ومن ارتباط بالله سبحانه وتعالى.

    فعندما تقع مجزرة ويقتل فيها أشخاص وهم يخافون الموت وهم يضطربون لما يقع عليهم فهم يخلقون في المشاهد والمستمع الخوف أما الذي يتلقى الموت أحلى من العسل، أما الذي كلما حمل عليه الوطيس يتهلل وجهه فرحا وسرورا , فيترتب على هذا أمر آخر في نفوس مع يسمعه ومن يراه يخلق فيهم العزة والكرامة والشجاعة والثبات إذا كانوا يرون من تقدم بإرادته مرتبطا بالله أو جرى ارتباط هذا الدم بالله سبحانه وتعالى إرتباط من يصله الخبر ومن يسمع بوقوعه هذه الحادثة أنها بالله تحرك فيه الإرتباط بالله سبحانه وتعالى فبقدر ما يرتبط الدم بالحيوية والروح الإيمانية يؤثر في المشاهد والمستمع له .

    إذا النتيجة هي :

    1ـ ثورة الحسين (ع) التي لم يوجد فيها تراجع ولا تلكؤ ولا خوف كسرت حاجز الخوف والتعلق بالدنيا وربطت الإنسان بالله سبحانه وتعالى وأعادت صياغة الشخصية المسلمة , تغير الوضع وربطت الإنسان بالله سبحانه وتعالى , بعدما كان في طريق التراجع ـ كما سيأتي ـ في طريق التراجع عن الدين وعن المبادىء والقيم .

    بثورة الحسين (ع) قلب الوضع وغير الأمور فصار الناس يتوجهون لله سبحانه وتعالى ويسترخصون الدنيا وما فيها .

    إذاً الأمة تحتاج إلى أن تعود إلى شخصيتها ودينها , والحسين (ع) جعل شخصية الأمة قوية بدمه , زرع فيها أو أعاد وأحيا فيها العزة والكرامة بما قدمه وإلا كانت تسير للهاوية .

     2ـ الامم في العالم كله , الامة إذا فقدت شخصيتها تعيش التبعية وتعيش الضياع ولا تتقدم .في الحرب العالمية الثانية الألمان خسروا يقولون خسرنا كل شيىء إلا شخصيتنا بقيت الشخصية محفوظة فقالوا سوف نعيد ما خسرناه وبالفعل أعادوا لأن فيهم الحفاظ على شخصيتهم واستقلالهم .

    3ـ الامة التي تفتقد الإيمان بفلسفتها الخاصة المستقبلية ورؤيتها للوجود وللعالم وللدنيا وللآخرة هذه أمة تعيش الرعب ولا ترى لوجودها حقيقة بغير الامم  الاخرى وهي التبعية , وهذا ما يزرعه حكام الدول العربية في نفوس الشعوب العربية , والشعوب الإسلامية , وهو أن تعيش التبعية والأستصغر ولا كرامة بل يصورنهم , ويوحون إليهم  أنكم من غير  الغرب أنتم لا وجود لكم , لأنهم يربطونها بحضارة جزئية ولا يقبلون لشعوبهم أن يتطوروا حتى في هذه الحضارة المادية .

    4ـ إذاً امة كل امر يأتيها من الغرب تراه تقدم هي أمة خاسرة نحن ننظر في المجتمع , في المجتمع تسوق الموضات تسوق الدعايات , الغرب يختار لنا ما نحب , يختار لنا ذوقنا , يعين لنا هذا شيىء جميل , في هذه السنة الموضة الفلانية , والمجتمع يراه جميل كما قال الغرب وفي السنة القادمة يكون هذا ليس جميلا , والمجتمع يقول ليس جميلا الموضة تغيرت , وهذه السنة موضة أخرى وهكذا تبعا للغرب , يعني استهزاء بشخصية المجتمعات وجعل المجتمع يعيش التبعية التامة وهذا أمر خطير.

    قصة: ينقل الأستاذ  الشهيد المطهري قصة يقول: تزوجت بنت السفير البريطاني رجلا أسود في موسكو فصارت حديث الساعة في ذلك الوقت للتفرقة العنصرية وصارت الجرائد تكتب بنت بيضاء تتزوج برجل أسود هذه طامة كبيرة وصارت حديث الساعة والجرائد والمجلات تكتب يقول: في محفل يجلسون فتحدثوا قال البعض من الغربيين هناك من الأديان من يجوز زواج الأسود من البيضاء وبالعكس قام شخص وقال لا يوجد إلا الاسلام لأنه يأوي القذرين ولأنه نجس لأنه قذر , وصفوه بما وصفوه , لذلك يأوي ويؤيد الزواج من أمثاله يقول الشهيد مطهري في تلك الأثناء كان في المجلس شخصان مسلمان كانا جالسين عندما سمعا الحديث قال أحدهما للآخر لماذا نحن ننتمي لهذا الإسلام ـ شخصان مسلمان يجلسان ـ لماذا ننتمي لهذا الإسلام؟ الذي من لم يستوعب ولم  يدرك الفرق بين الأسود والأبيض , قولان أنظر للغرب ولهذا التطور والتقدم يرون أن الأسود شخص حقير وقذر ونحن ننتمي لهذا الاسلام الذي لا يفرق  بين الأبيض والأسود , ثم صارايندبان حالهما ويبحثان هل هذه القذارة والنجاسة هي ذاتية ام عرضية على الإسلام وعلينا , قناعتهما بسبب الجهالة وعدم الثقة في شخصيتهما وبسبب الدعاية الغربية ، إذا كان المجتمع يتأثر بما يأتي من الغرب بهذا المستوى فهو مجتمع لا شك أنه للهاوية وللسقوط , لا يمكن أن يتقدم ولا يمكن أن يحقق شيىء .

    5ـ الحسين (ع) ماذا فعل؟ .

     فعل الحسين ما فعل رسول الله (ص) رسول الله اليتيم الذي بعث في ذلك المجتمع , مجتمع فقير يعيش الذلة كما تصفه الزهراء (تشربون الطرق وتقتاتون القد والورق أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ) بهذه الحالة يقتلون الأولاد يقتلون البنات خوف الفقر وإذا بالنبي (ص) يبعث بذلك المجتمع إلى أن يحقق أعظم حضارة ويكون قدوة للعالم كله بماذا؟ النبي(ص) غرس في هذا المجتمع مبادىء السماء وأعطى للمجتمع كيانه وشخصيته لذلك صار المجتع متقدما والحسين (ع) جاء ليثبت هذه المبادىء ويثبت ويبقي ويحيي هذه المبادىء ويزيل الستار عنها من التعلق بالدنيا والدعايات التي كانت تطرح هنا وهنا والتخويف للمجتمع الذي قضى على فطرته او اخفى فطرته .

    ثانيا: آثار الثورة الحسينية

     الثورة الحسينية لها آثار ؛ بنو امية سحقوا الشخصية في نفوس المسلمين وفي أنفس أهل الكوفة خاصة . اهل الكوفة _الكوفة دولة قوية يقول السيد الخامنائي ان الكوفة  قوية وتشكل خطر على الأمويين لأنها تحوي محبي أهل البيت , كانت محل الأبطال وكان فيها الموالون لأهل البيت ويحبون أهل البيت (ع) وكانوا مخلصين لذلك عمد معاوية لتسفير ما يقارب خمسة الآف عائلة من الكوفة وتفريقهم في خراسان وغيرها لإضعاف الكوفة , فصارت ضعيفة وجعل عليها زياد ابن ابيه أولا فصار يمثل بالناس , بكل كلمة يبقر البطون ويقتل الأولاد والنساء والرجال , يمثل بهم أشد تمثيل , كأنه صدام وربما أكثر فصار الخوف في نفوسهم مترسخ وشخصيتهم , لا يحركهم شيىء  يسيطر عليهم الخوف والرعب , في نفوسهم حب لأهل البيت ولكن مواقفهم مغايرة عندما ثاروا مع مسلم , كانو بين أمرين , بين الحب وبين الخوف , الخوف سيطر على كل شيىء في وجودهم , لذلك عندما ثار مسلم جعل يزيد عبيد الله ابن زياد على الكوفة , لأنه يشكل استمرار للخوف الذي كان قبل ذلك , فعندما وصل عبيد الله بن زياد تراجع الناس عن مسلم بن عقيل , ليطفح ويرجع الخوف الذي في نفوسهم .

    الحسين (ع)  بثورته أزاح هذا الخوف , لأن الحسين (ع) تحرك  بالحركة التي تحي الضمائر وتحرك النفوس , وتجعلها مرتبطة بالله سبحانه وتعالى جعل أمامهم وفي نفوسهم كلمة : (لا إله إلا الله ) فقط الذي يجب أن يخاف هو الله تبارك وتعالى , وغيرالله ليس مخيفا ولا يؤثر ولا يشكل خطرا أبداً , فثارت بعد الحسين (ع) ثورة التوابين الذين خرجوا بثورتهم , التوابون لم يكونوا من المقاتلين للحسين ولكنهم لم ينصروا الحسين (ع) يحبون الحسين ولكنهم عندما رأوا ثورة الحسين و جاء عبيد الله بن زياد ذهبوا إلى بيوتهم فقتل الحسين ندموا بعد قتل الحسين (ع) وتحركوا,  ثم ثورة المختار , الحسين أحيا تلك النفوس فصاروا لا يخافون الموت وتعاهدوا عند قبر الحسين (ع) إما ان  يقتلوا جميع من قتل أو ساهم في قتل الحسين (ع) أو يقتلوا هم , ولا يرضوا بالحياة , هذه النفس أين كانت ؟ كلها حدثت بعد ثورة الحسين وحركة الحسين (ع) ، إذا الحسين منح الشخصية الإسلامية المستقلة الحقيقية منحها العشق والمحبة والإرتباط بالله سبحانه وتعالى لا بغيره .

    الحسين  بحركته يبدأ بجلاء الشخصية فيبين (من كان باذلا فينا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إنشاء الله تعالى) إذا من كان موطنا على لقاء الله نفسه يبين أن لقاء الله هو المطلوب هو الفتح هو النصر ، الحسين منح العزة والكرامة وقتل روح الخوف والجبن في النفوس وحرك الضمائر وربط قيمة الحياة بقيمة الإرتباط بالله سبحانه وتعالى وكل شيىء يحصل عليه الانسان بعيدا عن الإرتباط بالله سبحانه وتعالى ليست له قيمة بين الحسين (ع) أن  هذا الطريق طريق الرقي وطريق الأنبياء لذلك كان له الأثر الكبير ، ومن آثاره كان  التأثير على الحسين نفسه من آثار الحركة الإرتقاء عند الحسين (ع) من آثاره كما يقول الشهيد مطهري أن الحسين هو الذي ايضا تأثر وتغير ، ومن كان معه(ع) كذلك , لذلك يقول النبي (ص) إن لك درجات لا تنالها إلا بالشهادة هذه الدرجات يعني ارتقاء , هذا الإرتقاء أين حدث في كربلاء يبلغ هذه الدرجات , بلغ هذه الدرجة بما قدم , ومن معه أيضا كانوا في نفس المسار وفي نفس الطريق والإرتقاء يقول الشهيد مطهري زينب (ع) أيضا كانت كذلك يقول إذا نظرنا لزينب في ليلة العاشر نجدها تختلف عنها بعد ذلك قبل وقوع الحادثة كانت زينب  تتأثر لدرجة يكاد يغشى عليها والحسين يهدؤها (أخيي لا يذهبن بحلمك الشيطان) ولكنها بعد ذلك تقول عندما يخاطبها الطاغية كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيته تقول: ( ما رأيت إلا جميلا ، هؤلاء أهل بيت كتب الله عليهم القتل وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج ثكلتك أمك يا ابن مرجانة)

     فهي تتحدث بكل عزة وأنفة وقوة لماذا ؟ لأنها مرت بهذا الإرتقاء ، إذا ثورة الحسين هي بناء لشخصية المسلم وحفاظ على شخصية المسلم التي أرادها الله سبحانه وتعالى .

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على  محمد وآله الطاهرين.

  • عاشوراء الحسين(ع) ( 3 )

    عاشوراء الحسين(ع) ( 3 )

    عاشوراء الحسين (ع) ـ3ـ حديث الجمعة 23/11/2012

    ثورة الحسين هي الحياة الابدية , هي الطريق للحياة الخالدة , هي الطريق للسعادة , هي الطريق للحياة الحقيقية …

    شعارات كربلاء تكتب الوجود والحرية والخلود ..

    شهداء كربلاء مدرسة باقية ..

    لم يخطر لأحد منهم ان يزين للحسين العدول والتنازل..

    إن الواحد منهم يجعل نفسه درعا لوقاية الحسين (ع) ليختصر الحياة في لحظة وصال مع المحبوب..

    أعداء الحسين والخبث الباطني..

    ليعلم العالم من هم قتلة الحسين (ع) ..

    قتلوا الحسين(ع) وهم يعرفون من هو الحسين ..

    قتلوا الحسين(ع) بأبشع صورة وبأبشع تمثيل..

     

    عاشوراء الحسين(ع) ـ3ـ 

    حديث الجمعة 23/11/2012

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين من الان إلى قيام يوم الدين.

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)

    آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

    ثورة الحسين هي الحياة الابدية , هي الطريق للحياة الخالدة , هي الطريق للسعادة , هي الطريق للحياة الحقيقية , وما عداها فهو ضلال وظلام , وهو الموت الحقيقي.

    أتحدث حول بعض ما يجب أن يستفاد من ثورة الحسين .

    اولا:شعارات كربلاء تكتب الوجود والحرية .

    1ـ أصل الشعار من الشعر او النثر الذي يعرف الشخص به نفسه , إذاً لماذا سمي الشعار شعارا ؟

    الجواب: لان الشخص المقاتل يعرف نفسه به فيأتي بشعار خاص به وبمعسكره , مثلا يأتي  بشعر يرتجز فيه ويبين من هو.

     يقول الشهيد المطهري انه  كان في الحروب المقاتل يلبس لباس الحرب كامل خوذة ولباس لايبين من جسمه شيىءلا تبقى الا عيناه فلا يعرف حينها , فعندما يواجه الطرف الاخر يرتجز بشعر وهو شعاره يبين فيه من هو والمعسكر الذي ينتمي اليه فسمي بذلك شعارا .

    2ـ الحسين (ع) بين في شعاراته جوهر نهضته وأهدافها والشهادة التي تنتظره وهي غايته التي بها يسمو وبها الفتح الحقيقي للإسلام.

    الحسين عندما خرج بثورته لم يكن يحمل شعارات دعائية أو شعارات فيها إيهام المقاتلين أنكم ستنتصرون , انما بين بانه بهذه الثورة ينصر الاسلام , ويقتل هو ومن معه وتسبى نساؤه ولكنه يصرعلى  ان يكون فداءا لهذا الدين وحافظا لشريعة سيد المرسلين (ص) فهو إنما يقدم نفسه فداءا للدين وليس لإنتصار مادي أو ليصل الى حكم او سلطة , فهو إنما وقوف في وجه الظالمين وظلمهم وطغيانهم وتحريفهم للدين عمليا فقط , فبين الحسين(ع) في شعاراته هذه المعاني كلها .

    3ـ إحياء عاشوراء مهم ويجب أن نداوم عليه لكن بشعارات الحسين (ع) أهل البيت (ع) ركزوا على أهمية إحياء عاشوراء والمواظبة عليها وذكرها على طول العام وبالخصوص في أيام المحرم , ولكن يجب ان يكون إحياؤها بما يتناسب معها من ذكر أهداف الحسين وشعارات الحسين (ع) .

    4ـ الحسين (ع) شرح اهدافه وبين سبب ثورته قبل أن يقتل , الحسين (ع) لم يأتي ليقتل هكذا , وإنما ليبين أنه قتل من أجل هذه المبادىء ويجب علينا ان يكون عندنا جواب عندما نسأل لماذا نحيي ثورة الحسين ؟

    او ذكرى الحسين او عاشوراء الحسين؟  

    ولماذا نخرج بالعزاء ؟

    يجب ان يكون عندنا الجواب المنطلق من نفس شعارات الحسين واهداف الحسين (ع) .

    ثانيا: من شعارات الحسين (ع)

    بعض شعارات عاشوراء التي ذكرها الحسين (ع) والتي يجب ان تكتب بماء الذهب بل بما هو أغلى من الذهب ومن كل ما يتصور من أثمن ما في الوجود, وهي كثيرة وكلها خير ومنها:

    أ ـ شعار الحرية والعزة والكرامة , الحسين يرفع شعار العزة والكرامة والحرية والتخلص من الظالمين إذ يقول (ع) من ضمن ما يقول : (الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار ) فالحسين (ع) لا يرى الحياة بالعار حياة , وإنما الحياة ان يموت على مبادئه , فإن يحافظ على كرامته وعزته أولى  من أن يرتكب العار ويخضع للظالمين .

    ب ـ من خطبة الحسين (ع) يقول : (ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة  يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت)هذه هي شعارات الحسين لا يقبل بالذلة يقول أميركم أرادني أن أعيش ذليلا وإلا يسلط علي السيف , وأنا أقول أخبروه بأني أقول : (هيهات منا الذلة..) لا نقبل بالذل ابدا ولا نخضع للظالمين هذا الشعار الذي يجب أن يرفع في كل مكان لا أن نخترع شعارات من عند انفسنا .

    ج ـ الحسين يقول 🙁 لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما) هذه نفسية الحسين وروح الحسين وأصحاب الحسين ومن يقتدي بالحسين(ع) يجب أن يكون كذلك يقول لا أرى الموت إلا سعادة والحياة  في الموت بالعزة والكرامة هي الحياة الحقيقية , كما يقول أمير المؤمنين (ع) (الحياة في موتكم قاهرين والموت في حياتكم مقهورين ) .

    د ـ الحسين (ع) ينادي (ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا) إذا رأى الباطل يعمل به والحق لا يعمل به يقول فليرغب المؤمن في لقاء الله ويبتعد عن هذه الأجواء التي فيها الفساد ويقبل بالحق بل يشتاق ويعشق الحق ليلتقي بالله سبحانه وتعالى ليكون في لقاء الله محقا .

    هـ ـ ومنها قوله (ع) : (الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم… )

    و ـ ومنها قوله (ع) : (لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا افر فرار العبيد ) هذه  هي الشعارات التي يجب أن يتحرك منها وبها ومعها الموالون والمؤمنون بالحسين(ع) وبثورته , ينطلقون منها ولا ينطلقون من شعارات يخترعونها من عند أنفسهم .

    ثالثا: شهداء كربلاء أفضل من شهداء بدر وصفين والعكس مع الأعداء:

    يجب أن يعلم العالم ما هي اوصاف أصحاب الحسين (ع) الذي يقول : (أما بعد ، فإني لا أعلم أصحابا أولى ولا خيرا من أصحابي ، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي)لماذا عندما نقارن بين اصحاب الامام الحسين (ع) وبين شهداء بدر نجد ان النبي (ص) في بدر يبشر أصحابه بالنصر فيذهبون ويرون النصر أمامهم واصحاب الحسين (ع) يرون الموت أمامهم , فالحسين يخبرهم بما سوف يحل بهم من القتل وتقطيع الروؤس , ويمثل بالأجساد , فهم يثبتون على خط الحسين (ع) ويعلمون بسبي نسائهم وهم ثابتون مع الحسين (ع) فأي قياس يكون بين هذا وهذا ،لا شك بأنهم أرقى وأرقى .

    والطرف الاخر من أعداء رسول الله (ص) كانوا يقاتلون النبي (ص) قتالا عقائديا يرفضون النبي(ص) ويحاربون النبي دفاعا عن جاهليتهم و أما من يقاتل الحسين فهم أخبث الناس لأنهم لا يجدون مبررا لهم في قتالهم للحسين يعلمون من هو الحسين ويشتركون معه في الدين ويذكرونه بسيد الخلق , ومع ذلك يقتلونه ويمثلون به . في صفين اصحاب علي (ع) كانوا يقتلون على امل الانتصار , وعلى أمل أن لا يدركهم الموت في تلك الحرب , واعداء أمير المؤمنين كانوا يتذرعون بحجج الدفاع عن دم عثمان وهنا في كربلاء ليست  هذه الحجج موجودة بالنسبة لأعداء الحسين (ع) لأنهم يعرفون من هو الحسين (ع)  ويقدمون  على قتله وهم  يعرفون حقيقة الحسين وثورة الحسين , وإنه إنما أراد الخير والصلاح لهم فقط , وأصحابه لم يكونوا يرجون انتصارا أو اجرا ماديا فلا دنيا ولا أموال فليس هناك قياس بين اصحاب الحسين(ع) وبين أعداء الحسين ولا بين اصحاب الحسين وأصحاب النبي (ص) ومن قاتل النبي في بدر ولا بين أصحاب الحسين وأعداء الحسين وبين أصحاب أمير المؤمنين (ع) في صفين وبين أعداء أمير المؤمنين في صفين .

    رابعا: معنويات شهداء كربلاء مدرسة باقية :

    المعنويات التي يحملها شهداء كربلاء يجدر النظر فيها والتأمل فيها..

    1ـ لم يكونوا مضطرين لهذا الخيار لم يكونوا مضطرين للموت كان باستطاعتهم أن يفروا من الموت ,ربما في وقت من الأوقات يحاصر أناس في مكان , مثلا في بيت أوفي مدرسة ويقتلون , فيقال شهداء قتلوا صبرا ولكن من مع الحسين(ع) يختلفون لأن الحسين(ع) يخيرهم في جميع المراحل , وفي جميع الفرص التي يمكنهم تخليص أنفسهم فيها من الموت المحتم في هذا المسير :

    أ ـ الحسين خيرهم في اصل الحركة وفي الطريق يخيرهم بالذهاب ويقول أنتم في حل من بيعتي , إذاً هم في حل ولا جناح عليهم , ولكنهم يرجحون العزة بالوصل مع الله ومع منَ أعزه الله تعالى.

    ب ـ الحسين (ع) أحلهم من بيعته حتى في ليلة العاشر ولكنهم ابوا إلا أن يثبتوا مع الحسين وينصروا الحسين(ع) ولا يتراجعوا عن الحسين .

    ج ـ الاعداء فتحوا لهم طريق الخلاص والامان , أصحاب عمر ابن سعد أعلنوا الامان لمن مع الحسين إذا تركوا الحسين (ع) لينتقلوا إلى معسكرهم , وأعطوا أمانا حتى للعباس ولكنهم أصروا أن يموتوا على الحق ثابتين , على المبادىء العظيمة وطريق إلى الجنة وإن كانت معبدة بالجهاد وبذل المهج.

    2ـ يقول العقاد لم يخطر لأحد منهم ان يزين للحسين العدول , تصوروا أنهم يرون الموت , ويرون ما بعد الموت من التمثيل لهم , وما بعد موتهم لغيرهم من السبي والذل , ولكنهم لم يأتوا الحسين ليقترحوا عليه الاستسلام أو الفرار , وإنما يثبتون ويقولون نقتل قبلك يا ابا عبد الله , ونسلم بكل ما يجري علينا من أجلك يا مولاي , هولاء هم أصحاب الحسين(ع) وهذه هي رؤيتهم الخاصة والصادقة مع الله سبحانه وتعالى .

    3ـ يقول العقاد إن الواحد من أصحاب الحسين (ع) يجعل نفسه درعا لوقاية الحسين (ع) ليختصر الحياة في لحظة وصال المحبوب , فيقول الواحد منهم بروحه العالية ونفسيته الغالية هذه حياتي كلها في هذه اللحظة , ففي هذه اللحظة أحصل على السعادة الحقيقية والحياة الحقيقية , فالحياة بطولها وعرضها لا تساوي شيىء , عرض الحياة له قيمة وليس لطولها , كيفية الحياة لها قيمة وليست لكمية الحياة , فهم يرون القيمة الحقيقية للحياة في كيفيتها , وقيمتها لا في طولها , فكم يرتقي من يقف يتلقى الموت دون الحسين )ع) يبقى مرتبطا بالله وبالحسين , منقطعا عن الدنيا وما فيها من لذة وألم يتلقى الموت ويتجرع الموت أحلى من العسل , ليقف الحسين(ع) يصلي , هذه اللحظات تسوى عنده كل شيىء , بخلاف من يحرص أن تكون حياته طويلة او مرفهة , مرتبطة بتوافه الدنيا .

    4ـ الشهداء يعشقون الله , فلن تجد منهم تلكأ او تراجعاً ,عندما يحللهم الحسين(ع) من بيعته ويقول إذهبوا بماذا يجيبون يقولون : (والله يا ابا عبدالله لو اني اعلم اني اقتل ثم احرق ثم انشر ثم اذرّ في الهواء ثم احيا ثم اقتل ثم احرق ثم انشر يفعل بي ذلك الف مرة ما تركتك يا حسين) كم هو الثبات وكم هي النفس الطاهرة العفيفة الورعة المطمئنة المتربطة بالله التي تنظر لله لا تنظر للدنيا  تركت الدنيا وما فيها من أجل الله سبحانه وتعالى .

    خامسا:أعداء الحسين والخبث الباطني:

    الطرف الآخر , الخبث الباطني عند قتلة الحسين (ع) ليعلم العالم من هم قتلة الحسين (ع) وكم هو الفرق بين أصحاب الحسين وبين قتلة الحسين اصحاب الحسين (ع) الذين هم مشعل للحياة وللثورة وللمطالبة بكل الحقوق في الدنيا هم مصدر للعزة والكرامة والعفة والنبل بكل المعاني وأعداء الحسين عنوان للخسة والدناءة والحقارة بكل ما تعنيه .

    1ـ قتلوا الحسين(ع) وهم يعرفون من هو الحسين , الحسين يقف ويسألهم عن نفسه وعن نسبه ووصية النبي(ص) بأهل بيته , وعن كتبهم التي كتبوها له , وهل جاء بخلاف الدين , وكما يقول السيد رضا الموسوي الهندي على لسان الحسين (ع)

     يـدعو ألـستُ أنـا ابنَ بنتِ iiنبيّكم      ومـلاذكم  إن صـرفُ دهـرٍ iiنابــــا
    هـل  جـئتُ في دينِ النبيّ iiببدعة      أمْ كـنـتُ فـي أحـكامهِ iiمـرتابـــــــا
    أمْ لـم يـوصِّ بنا النبيُّ وأودعَ iiالـ      ثـقـلينِ  فـيـكم عـترةً iiوكـتابــــــــا
    إن  لـم تـدينوا بـالمعادِ iiفراجعوا      أحـسـابكم إن كـنـتمُ iiأعـرابـــــــــــا
    فـغدوا حـيارى لا يـرونَ لوعظه      إلاّ  الأسـنَّـةَ والـسـهامَ iiجـوابــــــــــا
    حـتى  إذا أسـفت عـلوجُ iiأُمـيّة      أن  لا تـرى قـلبَ الـنبيّ iiمُصابــــــــا
    صـلَّت  على جسمِ الحسينِ iiسيوفهم      فـغدا  لـساجدةِ الـظبى iiمـحرابـا
    ومـضى لـهيفاً لـم يجد غيرَ iiالقنا      ظـلاً  ولا غـيرَ الـنجيعِ iiشـرابـــــــا

    بماذا جئتكم انا ؟

    هل جئت إلا لطلب الاصلاح ؟

    هل جئت بشيىء بدعة ؟

    هل جئت بشيئ لا تعلمونه ولا تعرفونه ؟

    عندما أقول يزيد شارب الخمر أنتم تعلمون ما هو شرب الخمر في الاسلام ! عندما اقول يزيد قاتل النفس المحترمة تعرفون ما هو حكم قتل النفس المحترمة!

     فالحسين لم يأتي بشيىء جديد , لم يأتي بشيىء غريب ينكرونه , لكنهم مع ذلك يقتلونه .

    2ـ هل كانت هناك عداوة شخصية مع الحسين ؟

    لم يكن الحسين(ع) مطالبا بدم أحد , لم يكن الحسين معتدياً على أحد , وليست هناك عداوة بينه وبين أحد , ومع ذلك اتخذوا ما اتخذوا وسعوا إلى قتله بأبشع الصور .

    3ـ مُنع  الحسين وأصحاب الحسين من شرب الماء حتى الرضيع..

    ليعلم العالم كله هذه هي نفسية أعداء الحسين (ع) منعوا الماء عن الحسين لأنه يختلف معهم !

    منعوا الماء على نساء الحسين لان الحسين(ع)  يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر , منعوا الماء  على حتى الرضيع لأن الحسين يريد الإصلاح , وسعوا إلى قتله وهو يقول إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار .

    4ـ الجبن والتراجع عند قتلة الحسين , فهم يحملون الدناءة والخسة والجبن وكل المعاني السيئة مختمرة في نفوسهم :

    أ ـ الامتناع عن المقاتلة وجها لوجه والاستعانة برمي النبال والرماح والحجارة من بعيد لأنهم لا يملكون الجرأة والشجاعة وإنما يحملون الجبن والذلة والخيانة والخديعة والغدر .

    ب ـ مهاجمة المخيم من الخلف لحرق الخيام والطعن من الخلف والحسين يواجههم من الامام وهم يذهبون للخلف لقتل الحسين ولحرق خيام الحسين(ع) غدراً .

    5ـ اصطناع الفوضى لمنع وصول صوت الحسين(ع) وهو يخطب , فكانوا يصطنعون الفوضى لكي لا يسمع الناس ,ولكي لا يسمع الجيش إن كان فيهم شخص لا يعلم , يختلقون الفوضى حتى لايصل صوت الحسين ولا يسمع الطرف الاخر ما يطرحه الحسين (ع) من المبادىء الراقية , المبادىء الاصيلة التي منشؤها الدين والقرآن الكريم , لا أنه جاء لطلب الدنيا أو يطالب بسلطان .

    6ـ منع الحسين(ع) من الصلاة لكي لا يعرف الجيش تقرؤون انهم كانوا يمنعون الحسين من الصلاة , عندما أراد الحسين (ع) أن يصلي أخذوا يرمونه بالنبل والرماح وكان أصحابه يصدون السهام والرماح عنه(ع) فيسقطون قتيلا تلو قتيل , وإذا سقط واحد قام أخر ليحمي الحسين وهو يصلي .

     لماذا هذه الدناءة يقولون الحسين خرج على دين جده ولايردونه ان يصلي فهم يقولون إن صلى الحسين علم الجيش وعلم الناس أنه مسلم , ويجب أن نوهم الناس بأنه خرج على دين جده وخرج عن الإسلام .

    هذه هي صفاتهم , حياتهم كذب , حياتهم محاربة لكل ما هو فضيلة , لا يقبلون  بشيىء إسمه نبل أو شرف أو فضيلة , وإنما يقاتلون كل معاني الخير , هذه هي صفاتهم , هذه هي كوامن أرواحهم , هذا ما في بواطنهم , ظهر في كربلاء , لا تتصوروا أن المال يبعث على كل هذه الأفعال , ما فعلوه في كربلاء أكثرمن أن يُتصور , لم تكن اوامر مباشرة في كل ما فعلوه , وإنما فعلواوقتلوا وتجاوزا , لما يحملونه من خبث في نفوسهم .

    7ـ لم يكتفوا بقتل الحسين (ع) بل مثلوا به اشد تمثيل , مثلو بالحسين أشد تمثيل بحيث أن المتابعين والمحققين يترددون بل يعجزون عن اسناد موت الحسين سببه المباشر!

     هل أن الحسين قتل بالسيف؟!

     أم انه مات بسبب دوس الخيول وسحقها ؟!

     أو أنه مات بطعن الرماح ؟!

    لقد لقي الحسين الضربات الكثيرة الكثيرة بحيث انه لم يستطع أحد أن يشخص ويجزم بإستناد سبب القتل المباشر ماذا؟

    هل أنه قتل بالدوس؟

     أم أنه مات بطعنا ت الرماح ؟!

    أم مات بالضرب بالحجارة ؟!

    أم مات بضرب السيوف ؟!

    فلم يبقى من جسده الشريف شيىء إلا قطع!!

    فأي خسة ودناءة يحملون ؟!!

    هذه هي أوصافهم!!

    8ـ تعرية الجسد الشرف بعد مقتله عندما قتل الحسين يعرون جسده !!

    9ـ قتل الأطفال والتمثيل بهم الأطفال قتلوا ومثل بهم لماذا يمثل بالأطفال إذا كان العداء مع الحسين وكانت الحرب مع الحسين فما ذنب الرضيع ؟!

    فما ذنب الرضعان؟!

     حتى من دفن يخرجونه من قبره ويقطعون رأسه ويمثلون به !

    10ـ حرق الخيام بعد مقتل الحسين (ع) لكي لا يبيت فيها النساء وشردوا النساء والعائلة والاطفال فاي خسة ودناءة يحملون !

    11ـ سلب النساء وسبيهن بأشد وحشية عندما تأتي السيدة زينب وتقول تريدون الذهب تريدون المال أجمعه لكم لا يعطونها فرصة فيأخذون الاقراط من آذان الاطفال وتسيل الدماء بكل وحشية وخسة ودناءة , وبعد قتل الحسين تعليق الروؤس , رؤوس الشهداء في رقاب الخيول لتركلها الخيل وهي تمشي! ويعلقون الرؤوس على الرماح أمام المحامل , هل هذه هي نفسية الشريف ام هي نفسية الوضيع الخسيس الذي ليست عنده كرامة .

    ليعلم العالم , الحسين (ع) يقاتل من ؟

     الحسين لم يقاتل اناسا يختلفون معه ولهم اتصال بالدين بأي صورة كانت .

    وإنما يقاتل مسوخ في صورة بشر , يظهرون الإسلام ويتغذون بالكفر المطلق.

    12ـ منع الخبز والطعام عن الاطفال في الاسر هذا ما حدث , ما تقرؤونه وتسمعونه , كانوا يمنعون الاطفال وهم سبايا , النساء وهن سبايا في الاسر وفي الطريق يمنعوهن من الأكل ويمنعون الأطفال من شرب الماء والأكل وهم في الطريق

    وعندما يصلون إلى منطقة فيها سكن , والناس يخرجوا ليتصدقوا بالخبز والطعام والتمر , تخرج أم كلثوم وتمنعهم وتقول الصدقة علينا حرام .

     

    والحمد لله رب العالمين وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

  • عاشوراء الحسين(ع) ( 2 )

    عاشوراء الحسين(ع) ( 2 )

    عاشوراء الحسين(ع) (2) – حديث الجمعة – 16/11/2012

    بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

    ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .

    السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين عليهم السلام .

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:

    بسم الله الرحمن الرحيم

     ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )

     

    صدق الله العلي العظيم.

    مقدمة :

    عاشوراء الحسين سلام الله عليه ، كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، كلمة طيبة لأنها هي حياة الإسلام وهي سبب بقاء الإسلام , وهي سبب عزة الإسلام والحفاظ على المعارف الإلهية ، ولولا ثورة الحسين عليه السلام لانتهت واندثرت ولكن الحسين  سلام الله عليه هو حياة الدين وهو بقاء الإسلام وثباته واستمراره .

    أولا : موسم عاشوراء موسم تربية لجميع شرائح المجتمع ؛

    سواء المتدين وغير المتدين، فهو موسم الغيث الذي يشمل الجميع .

    في عاشوراء يتربى المجتمع بأكمله ويستفيد بأكمله بمختلف توجهاته وميولاته متدين وغير متدين ، الكل يستفيد من ذكرى عاشوراء لأن الحسين سلام الله عليه و عاشوراء الحسين شاملة لجميع المجتمع ولا تختص بطائفة أو فئة أو جماعة أو متدينين أوغير متدينين ، إنما هو للجميع فماتم الحسين يشمل الجميع ومواكب الحسين تشمل الجميع والحضور في هذه الذكرى للجميع – الرجال والنساء والكبار والصغار- الكل يستفيد من ذكرى عاشوراء الحسين سلام الله عليه ، بخلاف المسجد لأنه يكون خاصا بمن يأتون ويصلون ، أما عاشوراء فهي تشمل الجميع فهي عامة ، والمؤمن العاقل هو الذي يحاول أن يستفيد منها ويوصل الفائدة إلى غيره لأنه إن استطاع بفعل من الأفعال أو بقول أو بكلمة يتكلمها فيستفيد منها غيره حصل الأجر العظيم والخير الكثيرالباقي ، فيستطيع كل شخص أن يكون معلما في ذكرى عاشوراء سلام الله عليه , سواء كان بقوله أوكان تعليمه  بفعله وبتصرفه وبمواقفه وما يعكسه للآخرين من تصرفات .

    روي عن أبي عبد الله عليه السلام اأنه قال (من كفل لنا يتيما قطعته عنا محنتنا باستتارنا فواساه  من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه ، قال الله عز وجل له يا أيها العبد الكريم المواسي إني أولى بالكرم اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان  بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم.)  فإذا  علّم شخص أحدا كلمة واحدة طيبة أوصل إليه خيرا حصل بكل كلمة ألف قصر في الجنة وأعطي ما يليق بتلك القصور

    1-أجواء عاشوراء

    يجب أن تكون أجواء عاشوراء وما يطرح فيها من معين القرآن والعترة الطاهرة ونهج الحسين , يجب أن يركز في هذا الموسم  أن يكون الثراء الثقافي والمعرفي مرتبطا بالقرآن الكريم ومرتبطا بعاشوراء الحسين ومرتبطا بمعارف أهل البيت سلام الله عليهم اجمعين.

    2-عاشوراء الحسين

    عاشوراء الحسين هي  تحريك للفطرة وخطاب للضمير وهو مورد  التبليغ الصحيح ، التبليغ الصحيح هو الذي يخاطب الفطرة ويخاطب الضمير ، ففي عاشوراء الحسين وهي حادثة مأساوية تخاطب ضمير الإنسان  وتحرك عاطفة الإنسان وتحرك فطرته ليتخذ المواقف الصحيحة في حياته فهي تربية صحيحة لأن فيها العاطفة وفيها مخاطبة الفطرة وفيها مخاطبة الضمير وفيها من المعارف العقلائية والعقلانية التي تخرج الإنسان من الظلمات الى النور .

    3-التباكي مما يؤمر به في عاشوراء التباكي؛

    التباكي بمعنى التفاعل وليس اظهار البكاء كيفما كان ، التباكي الذي يجعل صاحبه بلون المعاني الموجبة للبكاء لاالتظاهر بالبكاء من غير واقع في النفس بمعنى على الإنسان الذي يعيش في عاشوراء ويدخل مآتم الحسين سلام الله عليه أن يعيش أجواء الحسين أن يعيش المعاني التي خرج الحسين من أجلها ، عليه أن يعيش المأساة ويتصور ويستحضر ويسترجع ما وقع في كربلاء على الحسين وأهل بيته وعليه أن يستحضر الأهداف التي خرج الحسين سلام الله عليه من أجلها لا أن يتباكى كيفما كان , اذا كان التباكي منبعثا من هذه الروح ومن هذه المعرفة كانت له القيمة وكان موجبا للجنة .

    ثانيا : من أهم رسائل عاشوراء الحسين صلوات الله وسلامه عليه :

    التعرف على شخصية الحسين

    لنفهم بذلك قيمة ثورته ونفهم المواقف التي يجب أن نقفها في حياتنا اذا عرفنا من هو الحسين ولماذا خرج الحسين اذا عرفنا أن الحسين معصوم وأنه مسدد وأنه عالم وعالم بمصيره لا أنه خرج بأمل الانتصار المادي ففوجىء بخيانة أهل الكوفة كما يصوره الجاهلون ، الحسين خرج بمعرفة وهو يعلم ما سيجري عليه وهو يعلم بقتله ولكنه يقول (ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني) بمعنى هناك هدف عظيم وغاية كبيرة يجب أن تجعل في نفوس الثائرين وفي نفس كل موال للحسين  سلام الله عليه ، يجب أن يتعرف المجتمع على الحسين وأنه معصوم وأنه مسدد وأنه خرج بثورته ليس طالبا لسلطان ليس طالبا لإنتصار مادي وإنما لنصر الدين فقط وفقط.

    2ـ يجب أن يعرف المسلمون في عاشوراء من هم قتلة الحسين ؟

     ولماذا قتل الحسين؟ من هم قتلة الحسين ولماذا قتل الحسين ؟

    الحسين إنما قتل لأنه يريد الإصلاح في أمة جده هذا هو السبب الذي جعلهم يقتلونه ويتحركون ويحركون الجيوش لقتل الحسين وإلا لو كان يطلب أمرا أخر كولاية أو سلطان لم يكن الأمر كذلك ، إنما قتلوه لأنهم لا يريدون بقاء الدين ، لا يريدون الإصلاح ، قتلة الحسين هم الذين تجاهروا بالفجور وبإرتكاب الفواحش مع الأهل والبنات والعمات والخالات وجميع المحارم ، هذا هو قاتل الحسين لا أنه مشتبه او خطأ وانما  قتله لعدائه للدين .

    3ـ قتلة الإمام الحسين

    بنو أمية وهم قتلة الحسين يريدون محو الإسلام ولا يريدون بقاء الدين أبدا كما يقول محمد عبده  العالم المصري ، أنهم لا يريدون للإسلام بقاءا  أبدا وخرج الحسين بكلمته وبموقفه وبسيفه وبتقديمه لأخص الناس عنده ولرضيعه وأهله وأسرته ونسائه في تلك العراء ليفتدي الدين وينقذ الإسلام من التحريف والإندثار .

    ثالثا : عاشوراء أمانة في عنق الامة :

    1ـ يجب حفظ هذه الأمانة وهي الشعائر الحسينية

    ويجب أن تكون في كل سنة أفضل مما قبلها ، يجب أن ينظر القائمون على هذه المناسبة لتطويرها والمشاركون أيضا وجميع أفراد المجتمع أن يكون نظرهم أن تبقى هذه الأمانة التي بها حفظ الدين يحفظونها وترتقي بما يتناسب مع أهداف الحسين سلام الله عليه وبما يتناسب مع ما قدم الحسين سلام الله عليه من دمه الغالي

    2ـ الضعف أيام عاشوراء هو ضعف للدين كله

    اذا صار الضعف والوهن في إحياء عاشوراء فقد وصل الوهن والضعف للدين ولبقاء الدين كله وهذا هو الواقع الذي عبر عنه الحسين عليه السلام (أن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي ) فبقتل الحسين وذكرى الحسين يبقى الدين فاذا أهملنا وتركنا المسؤولية وحفظ الأمانة وصل الوهن والضعف إلى الدين

    رابعا: ملاحظات لا بد منها :

    1ـ تهيئة الروح والنفس والفكر لتلقي المعارف الحسينية

     يجب أن نهيأ انفسنا والمجتمع ، الأب ، الأم ، الأولاد ، الكل يتهيأ نفسيا ليستقبل المعارف الحسينية في هذه الأيام ، الكل يشجع من معه الأب يشجع أبناءه الأم تشجع بناتها وهكذا لتلقي المعارف الحسينية وحضور المآتم الحسينية والمواظبة عليها  ومع ذلك لا نغفل الظاهر من الحزن وإظهار الحزن وإحياء الشعائر الحسينية .

    2- المحافظة على مظاهر العفة

     يجب أن نحافظ على مظاهر العفة المرتبطة بعاشوراء في اللباس وفي علاقة الرجال بالنساء يجب أن  يكون المجتمع الحسيني والمواكب الحسينية ظاهرها كما باطنها عفة ونقاء لا أن نغفل عن هذه الأمور لا تخرج المرأة متبرجة أو متزينه لتتفرج على العزاء هذا ينافي , وهو حرب على الحسين(ع) ينافي ثورة الحسين وأهداف الحسين وهو حرب واضحة وصارمة وحرب على كل المبادىء ، يجب الحفاظ على العفة في مواضع أو مسير العزاء مثلا وعند المآتم  وغيرها وكل ما يرتبط بالحسين سلام الله عليه .

    3-المشاركة في العزاء يجب أن تكون أكثر من الأعوام الماضية

    لا أقل منها وأضعف ربما تبين في بعض السنين أو في الأعوام الماضية على أقل تقدير أن التفرج على العزاء كثير بل ربما من الشباب المفترض أنهم هم من يعزون ويلطمون ويدخلون في العزاء يتفرجون كثير منهم يتفرج على العزاء ولا يشارك وهذه سلبية يجب علاجها .

    4- الخدمة في عاشوراء الحسين

    هي شرف يناله المؤمن ولكن يجب أن تكون بأخلاق الحسين من يستطيع أن يقدم خدمة في المآتم الحسينية وفي المواكب فقد نال شرفا عظيما ولكن لا بمنة ولا بتفضل منه بل التفضل عليه أنه قبل أن يكون خادما ومقدما للخير في مآتم الحسين لذلك يجب أن يكون بأخلاق الحسين من يكون في موقع من مواقع الخدمة الحسينية يجب أن يكون نظره وتصرفه كما لو كان الحسين موجودا وهو يتصرف في هذه الأمور بمعنى أنك تمثل الحسين ونائب عنه (ع) في هذه التصرفات ويجب أن تكون كالحسين سلام الله عليه .

    5- اختيار القصائد التي تمثل نهج الحسين عليه السلام

    من الأمور المهمة للمعزين والرواديد إختيار القصائد المعبرة والتي تمثل نهج الحسين سلام الله عليه ، قصائد ذات معنى وقوية وأيضا  بالأطوار المناسبة للعزاء ولهذه الذكرى .

    6- نظافة مواقع العزاء

    تكشف ثقافة راقية والعكس صحيح  ، اذا مر على العزاء من مكان أو في الشارع يجب أن يكون مروره وبعد أن يمر الشارع نظيفا كما كان قبل  مروره لا أن يكون اذا مر العزاء  تجد الأوساخ وعلب العصير وغيرها منتشرة في الشارع هذه ليست صحيحة بل تضر في نظر الناس من ينظرون ويراقبون ويبحثون عن أخطاء عندنا , يركزون عليها هذه ثقافتهم  فيجب أن تكون ثقافة الشيعة والموالين لأهل البيت ثقافة قوية مفيدة مؤثرة لا أنها منفرة .

    7- تفويت صلاة الصبح

    السهر الذي يفوت صلاة الصبح في وقتها يتنافى مع ثورة الحسين سلام الله عليه ،

    يجب الإلتفات ايضا من يذهب للعزاء في المنامة أو في غيرها ، في أي مكان اذا كان دخوله في العزاء يفوت عليه الصلاة فهو ليس معزي فهو ينافي هدف الحسين الذي إنما خرج من أجل الصلاة ومن أجل بقاء الدين والصلاة عمود الدين يجب أن يكون العزاء غير مؤثر سلبا على الواجبات الشرعية .

    8- التفاعل الفكري والعاطفي والروحي

    الذي يبقى مؤثرا في الحياة ولا ينحصر في الأيام العشرة فقط ، هذه المناسبات يجب أن نتفاعل معها تفاعلا يبني لنا مستقبلا يمنهج حياتنا على الخير وعلى عمل الخير ليبقى أثرها في حياتنا مستمرا لا ينحصر بأيام عاشوراء فقط.

     

    العالم والبلد العزيز :

    أولا : نتقدم لأهلنا في غزة فلسطين التي تتعرض  لعمليات وجرائم حرب هذه الايام ،

     غزة تتعرض لجرائم حرب منظمة والعالم بين متخاذل وبين متآمر الغرب متآمرون على الشعب الفلسطيني و ما يتعرض له الشعب في غزة , وبين ساكت ومتخاذل ومتامر بالخفاء , في الدول العربية الذين يضجون ويظهرون عدم قدرتهم للسكوت على ما يحدث في سوريا وهذه أرض مغتصبة ومحتلة والمحتل يقتل وينتهك ويرتكب كل الجرائم ولكن لا تجد من العرب من يتكلم .

    ثانيا: نقدم العزاء لعائلة الشهيد شهيد الصلاة الشهيد الشاب علي عباس رضي في البحرين والذي قضى متاثرا بجراحه بعد أن صدمته إحدى السيارات على الشارع السريع  جراء ملاحقته من قبل قوات المرتزقة .

    ثالثا: نجدد وقوفنا مع آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم

    ونقول أن تهديده هو تهديد للشعب بأكمله ولا يمكن تهديد شعب بأكمله ، ماذا يريدون أن يفعلوا بهذا الشعب الشعب لن يتنازل في مواقفه وهو صامد وكل تهديد لا يعيره ولا يجعله تنازل عن مطالبه.

    رابعا: سحب الجنسية من عدد من المواطنين الاصليين اب عن جد

    هو انتهاك لكل القوانين وهو مما يفرض على الشعب , ولن يفرض على الشعب التراجع عن مطالبه بل يفرض على الشعب المواصلة والمطالبة لأن هذا الإنتهاك مؤشر خطير على أن الحكومة لا تحترم أعراف ولا قوانين ولا سنن ولا تعتبر شيىء مما يحترم في العالم     .

    خامسا: تعرضت مناطق مختلفة من البحرين للعقاب الجماعي من غير أي سبب كالمعامير وغيرها تتعرض للقمع ومحاصرة وإستمرار في القمع من غير أي سبب.

    سادسا : إعتقالات كثيرة في محاولة لاركاع الشعب وهو بعيد المنال لن ينالوا ذلك أبدا وهو حلمهم ، ولن ينالوه ولن يصلوا إليه .

    سابعا واخيرا:

    استدعاء المرزوق للتحقيق، يكشف وهن ووهم السلطة في إركاع الشعب بتصعيدها وضربها للمطالبة بالديمقراطية وهو مما يوجب الإصرار في المطالبة وعدم التراجع والتنازل بأي حال من الأحوال.

    والحمد لله رب العالمين وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

  • الرسول والرسالة(2)

    الرسول والرسالة(2)

    حديث الجمعة: الرسول والرسالة(2)

    21/9/2012

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكّيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)

    وقال تعالى:(لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)

    أولا: الرسول قبل الدعوة والرسول اليوم.

    1ـ أربعون سنة إختبار للطهر والصدق والأمانة.

    مضت أربعون سنة منذ ولادة النبي (ص) إلى أن بعث ، هذه الفترة وهذه المرحلة كانت إختبارا لطهارة النبي في نفوس الناس .

    والله سبحانه وتعالى وهو العالم إختار النبي (ص) بعلمه وحكمته ومعرفته التامة بطهارة النبي وعفته ونجابته وبجميع ما يتصف به من الفضائل .

    الله سبحانه وتعالى عالم بكل شيئ وإختار النبي (ص) وقبل أن يوجد في هذه الدنيا الله يعلم بما سوف يكون عليه رسول الإسلام (ص) ولكن الإختبار هو للمجتمع وللمحيط بالنبي (ص) الذي سوف يبعث فيه , فكانت هذه المدة إختبارا في نفوس الناس للنبي (ص ) يراها الناس يرون النبي (ص) هل أنه يتصف بالكمال أو لا يتصف ، هل يتصف بالخير أو بنقيضه ، هل يتصف بالإحسان أو يتصف بالإساءة والإعتداء على حقوق الأخرين

    2ـ النبي مظهر للطهر والأمانة

    كل من قصد مكة أو لقي الرسول في سفر إعترفوا وشهدوا كلهم أن هذا الإنسان الجليل النجيب مظهر للطّهر والأمانه, عاشوا معه تلك الفترة وإلتقا معه من إلتقى في سفره ، في تجارة ، عندما قصد النبي أماكن أخرى وشهدوا كلهم أن هذا الإنسان الجليل النجيب مظهر للطّهر والأمانة والصدق والمروءة لم يجدوا أي نقطة سلبية في حياة هذا الإنسان العظيم الجليل ، لم يسمعوا أي كذبة ، لم يشاهدوا أي إعتداء أو تطاول منه على حقوق الناس ، لم يستطع أحد ممن عاش مع النبي (ص) أو إلتقى مع النبي (ص) إلا أن يصفه بأحسن الصفات ، الإنسان الكامل ، الإنسان الذي يمثل العدالة يمثل الحب للآخرين

    3ـ إتهام الرسول(ص) ممن شهد له بالنزاهة والفضيلة تكشف العداء للرسالةهذا هو ما نراه اليوم(سفهم أحلامهم)

    تكشف العداء للرسالة هذا وهذا هو مانراه اليوم ، فهم من كانوا يصفون النبي (ص) بالصادق الأمين في الجاهلية قبل أن يبعث ، قبل أن يدعوهم للإسلام كانوا يصفونه بالصادق الأمين ، بالأوصاف الصالحه ، الرجل الصالح الطاهر العفيف ولكنه لما دعاهم للرسالة أنكروا صفاته ووصفوه بنقيضها ، كان ذلك قبيل الإسلام وبداية الدعوة , ويتكرر اليوم أيضا كم وصفوا النبي (ص) وكتب من كتب من المفكرين الغربيين في أوصاف النبي (ص) بأنه من أفضل البشر , بأنه صاحب أفضل رسالة الذي يدعوا للتسامح والخير والعطف على الآخرين وإعطاء الحق العادل والذي لم يصدر منه سوء وإذا بالموازين تنقلب فيصفونه بأوصاف مضادة ، ماذا يعني ذلك ؟

    يعني عداؤهم للرسالة وليس لشخص النبي (ص) لأن النبي جاء برسالة إستحوذت على العالم ودخلت إلى النفوس وصار الغربيون يدخلون في الإسلام ويقتنعون بمبادئ الإسلام وكل شخص يتعرف على طرح النبي (ص) وعلى دعوة النبي لمجرد أن يكون صادقا بينه وبين نفسه يعتنق الإسلام لأنه ليس فيه سوء وإنما فيه الكمال وفيه الخير للناس كافة

    4ـ الإساءة مؤشر ضعف وخوف على مصالحهم في الجاهلية

    وجاهلية اليوم كذلك فقوتهم في إستعباد الناس وإستغلالهم والفتنة بين الطوائف والأديان.

    في الجاهلية كانوا يخافون على مصالحهم فكانوا يقولون ماذا نصنع باللات والعزة ، إذا عرض الإسلام وإقتنع الناس بالإسلام ودخلوا في الإسلام , مصالح المتنفذين الذين كانوا يتاجرون في الأصنام ويتاجرون بإعتقاد الناس تذهب عليهم ويعيشون الخسارة والذي كان سيدا على قومه يكون مع الناس العاديين ، فخوفهم على مصالهم دعاهم لإتهام النبي (ص) بما إتهموه واليوم كذلك ، لماذا ؟

    لأن العالم الغربي اليوم هو يسيطر على العالم الإسلامي ويسيطر على كثير من بقاع العالم ولكن هذه السيطرة سيطرة إستعباد ، يستعبدون العالم ويستعبدون الشعوب ويسيطرون على ثروات ومقدرات العالم كله ويأخذونها ، وإذا صار اليوم العالم يتوجه إلى الإسلام ويقتنع بالإسلام ويتبنى الإسلام , وهذا يعني أن يقول للغرب قف مكانك يجب أن يكون هناك حد وهذا ما لا يقبله الغرب لأنه من غير أن يستفيد مصالحه من الشعوب المستضعفه من غير أن يجعل الشعوب مستضعفه تحت سيطرته ونهبه لثرواتها يكون لا شيئ ، لذلك لا بد أن يتهموا الإسلام فهذا يدل على ضعفهم وعلى أن الإسلام يسير نحو القوة ، فعندما رأو الضعف عندهم يتهمون أفضل إنسان الذي يمثل الإنسان الكامل على وجه الأرض كما يراه المسلمون

    5ـ من يقف وراء الإساءة للإسلام

    يخطئ من يتصور أن شخصاً واحداً أو كاتباً مأجوراً أو رساما كاريكاتير مأجوراً هو الطرف الذي يقف مقابل الإسلام هؤلاء هم قوات المشاة البائسون سود الوجوه كما يقول الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى

    كما كان في الجاهلية ليست تصرف فرد وإنما هي مصالح ، مصالح أشخاص تمثل أقطاب في العالم ، اليوم الغرب مصالحه يرى أنها إلى زوال وسوف تضرب لا محال بإنتصار الإسلام وإنتشار الإسلام في العالم ، لذلك ليس الإساءة عملا فرديا ليست لشخص تكلم هنا أو هنا أو رسام أو ممثل أو مخرج وإنما هي عملا مدروس من أجل ضرب الإسلام

    ثانيا: وصف القرآن للنبي (ص)

    1ــ الرسول منكم عرفتموه بصفاته وصدقه وتفانيه

    (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ) الرسول منكم عرفتموه بصفاته وصدقه وتفانيه ، الرسول الذي يتفاني من أجل الناس من أجل الخير للناس يريد مصلحة الناس لا يطلب لنفسه بل يتألم لضلالهم ، يتألم لما يمر عليهم ويعانوه إذا أصابتهم مصيبة أو مشقة النبي (ص) يتأثر ويتألم قلبه لأنه (ص) مظهر الرحمة ، مظهر الخير ، مظهر الإنسانية والكرامة ، مظهر إرادة الله ورحمة الله في الأرض فلا بد أن يتأثر

    2ــ عزيز عليه ما يمر بكم من شدائد تؤدي قلبه

    3ــ حريص على هدايتكم ,يحب الخير لكم في الدنيا والآخرة

    النبي (ص) يحب الخير للناس للدنيا والآخرة ، لا يريد أن يكون فقط مبلغا للرسالة ومن إهتدى إهتدى وإنما يصرعلى أن يوصلهم للخير ، لماذا ؟ لقلبه الرحيم

    4ــ اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون.

    كيف نتصور هذا النبي (ص) هل كما يصوره الغربييون أنه يبطش ويقتل أم أنه خلاف ذلك ، إذا رأينا النبي (ص) يذهب في دعوته ويصل إلى الطائف مثلا ويدعوهم للإسلام فيرمونه بالحجارة ويرجع والدم يسيل من وجهه ومن جسده فيقولون إدعوا عليهم فيقول اللهم إهدي قومي فإنهم لا يعلمون ، لم يقتنعوا بالإسلام ولم يعتنقوا الدين ولم يقبلوا دعوته إلا أنه يدعوا إليهم بالخير أيضا ، هذا هو نبي الرحمة لا أنه سفاح ويقتل ويحمل السيف في يده وكل من خالفه قتله ، هذا الوصف ليس له واقع في سيرة النبي(ص) أو في دعوته

    ثالثا: لمنع التطاول على الإسلام والرسول:

    أمور كثيرة ذكرنا سابقا ونذكر اليوم ما يجب على المسلمين لمنع التطاول على الإسلام وعلى الرسول (ص) وحرمته ومقامه

    1ـ تعرف المسلمين على حقيقة الإسلام وقيمه.

    يجب أن يتعرف المسلمون أنفسهم على الإسلام ، المسلمون يتصرفون ويعملون أعمالا تشين للإسلام وليست لها ربط بالإسلام ، لو كان الناس في أعمالهم وفي سيرتهم وفي واقعهم يعرفون الرسول (ص) حق المعرفة ويقتدون به ويطبقون ما جاء به النبي لكان الإسلام في خير ولكان إنتشاره لكل الناس ولم يجرأ أحد أن يتكلم أو يسيئ للرسول أو للإسلام

    2ـ تعريف العالم كله بمبادئ النبي (ص) وقيمه.

    يجب أن يعرّف العالم بمبادئ النبي (ص) المبادئ الحقه ، المبادئ التي جاء بها النبي (ص) وهي مطابقة لما جاء في رسالته في القرآن وليس المبادئ التي يتصورها المتصورون المتطرفون ، بعض المتطرفين يتصورون ويصورون النبي (ص) أنه كلما دخل منطقة أو بلدة يختلفون معه فيقتل الرجال والنساء والأطفال والصبيان ولا يبق شيئ ، هذا ما يصفه المتطرفون الذين لا يمثلون الإسلام ولم يفهموا شيئا من الإسلام إن كانوا صادقين ، وكثير منهم ليسوا صادقين في طرحهم ، يجب أن يعرّف العالم وتطرح مفاهيم الإسلام التي تنطبق وتنطلق مما جاء في القرآن الكريم ، لا تؤخذ أحاديث من هنا أوهنا لا تتصل بالإسلام ولا تتصل بمعاني الإسلام وقيم الإسلام ومفاهيم الإسلام الأصيل ويقال هذا هو نبي الرحمة ، كيف يكون نبي الرحمة بوصف السفاحين؟!!

    أوصاف النبي (ص) كما صورها القرآن ( وإنك لعلى خلق عظيم) ويقول تعالى في هذة الآية:

    (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) هذه أوصاف النبي (ص)

    3ـ وحدة المسليمن وتماسكهم.

    وحدة المسلمين لها أثر في منع الإعتداءعلى الإسلام والمسلمين ، إذا كان المجتمع الإسلامي مجتمعا متفرقا متناحرا يشتم بعضه بعضا ويكفّر بعضه بعضا ويسيئ بعضه إلى بعض ويسيئ بعضه إلى رموز بعض , والفرق كلها أو كثير منها فيها من يرتكب الأخطاء ويظهرها ويسيئ لمقدسات غيره ، فلاتنتظر من الآخرين أن يحترموا الإسلام أومقدسات الإسلام ، على المسلمين أن تكون مواقفهم واحدة أن يتوحدوا فيما بينهم حتى إذا إتخذوا موقفا حسب له المتطاولون ألف حساب ، لم يجرأ من يريد أن يسيئ إلى الإسلام إذا وجد الأمة الإسلامية أمة قوية متكاتفة متلاحمة عندها قوة وتستطيع أن تعمل وتستطيع أن تواجه وتستطيع أن تستنكر أما إذا كان المسلمون متفرقين يحارب بعضهم بعضا فلاينتظر أن يحترموا من الآخرين

    4ـ ترك الغفلة والجهالة التي يحبها لنا أعداء الإسلام.

    يجب أن نترك الغفلة والجهالة ، عدم المعرفة هذا ما يتمناه الغربيون لنا , وإن كانوا يطرحون مفاهيم العلم والمعرفة لكنهم في الواقع عندنا لا يطرحون ذلك بجد للعمل.

    على المجتمع الإسلامي أن يكون متقدما في كل شيئ أن يكون متقدما في كل شيئ كما ذكرنا سابقا أن يكون متقدما في العلم في جميع مجالات العلم ليراه الآخرون قدوة لا يرونه متخلفا ، إذا كان المجتمع الإسلامي مجتمعا لا يملك القدرة ولا يملك الثقافة ولا يملك العلم في مجالات مختلفة هذا يدعوا الأخرين للإستهزاء به ، حضارة عمرها كذا ولكنهم ليس لهم علم وليس لهم تقدم وإذا إحتاجوا لأبسط الأمور عليهم أن يأخذوها من الغرب هذا يدعوا الأخرين لإستنقاص المجتمع وإستنقاص مبادئه أيضا

    5ـ بعد النظر الذي يتناسب وشخصية المسلم الحقيقي.

    المجتمع المسلم يجب أن يكون بعيد النظر لا أن ينظر للجزيئات ويركز على الجزئيات في كثير من الأحيان ترى بعض من ينتسب أو يحسب على الدين يركز على أمور جزئية وأمور هامشية على أنها هي الدين ويترك الأساس من الدين ، الذي هو الإرتباط بالله وحفظ مصالح الناس ووحدة الناس هي أهم من كل شيئ أهم من الأمور الجزئية, فلان يصلي كذا أو يصلي كذا ، يسجد على التربة أو أنه يجعل يده على بطنه أو غير ذلك هذه الأمور الجزئية يجب أن يجتنب عنها المجتمع ويبحث في الأمور الكبيرة والتي تجمع المسلمين وتوحد كلمة المسلمين هذه الأمور المهمة يجب أن يكون المجتمع بمستوى من الوعي والصدق بينه وبين الله .

    ماذا كان النبي (ص) ؟

    هل كان النبي يركز على الجزئيات الجزئيات ويترك الأمور العظيمة ؟

    طبعا كلا .

    النبي (ص) وإن كان يصحح ما هو جزئي إلا أن الهدف العظيم هو الذي أمامه ، المسلم الذي يقتدي بالنبي (ص) يجب أن يكون كذلك والذي يريد أن يحافظ على سمعة النبي وشرف النبي ومكانة النبي عليه أن يكون كذلك

    6ـ عدم خضوع النخب لحب الدنيا , التي تفرض التخلي عن المسؤولية.

    إذا كان النخب والمحسوبون على العلماء يخضعون لحب الدنيا والمصالح المادية فهذه هي الطامة العظمى ، الخواص من المجتمع الذين يشكلون ثقلا في المجتمع الذين يمثلون العلماء علماء الدين والسياسيين أيضا إن كانوا يخضعون لحب الدنيا فهذه طامة على الإسلام وعلى سمعة الإسلام وهي سبب للإساءة للرسول (ص) ومانراه من الأخطاء عند الناس إنما يأتي من النخب ، إنما يأتي من النخب ، إذا كان الخواص بعض الخواص يشرون بالأموال مثلا ويستنكرون إذا رضي الحاكم أن يستنكروا ويسكتوا إن سكت الحاكم ويرضون إن رضي الحاكم ويفتون بما يريده الحاكم ، هنا تكون الطامة على المسلمين ، يجب على النخب أن يكونوا صادقين مع أنفسهم ومع الله سبحانه وتعالى ويتكلموا بما يرضي الله للحفاظ على دينهم

    7ـ الإنتباه إلى ما ينفقه أعداء الإسلام من أجل زرع العداء والخلاف الطائفي

    بعض المجتمعات ، بعض الناس من المسلمين ينظرون نظرة سذاجة ولا يفرقون بين العدو والصديق فيصفون من يقف معهم في بعض الجزئيات أنه صديق وهو يحاربهم ويحارب معتقدهم وهو صديق.

    الذي يريد التفرقة والفتنة وزرع الخلاف والفرقة الطائفية صديق .

    هذه نظرة ساذجة يجب الإنتباه على أن هذاعنده هدف وعنده غاية ، الذي يقف معك ضد أخيك عنده غاية وهدف لتفتيت المجتمع ولضرب المجتمع ، وبدل ان يواجه المجتمع بنفسه يدعوك لتواجه أخاك وتحارب أخاك وبعد محاربتك لأخيك يتفرد بك ثم بكل المجتمع ، يجب على المجتمع والعلماء أن ينظروا ويعوا هذا الواقع .

    الآن الغرب هم الذين يدعمون من يثيرون الفتنة في العالم من يتأمل يعلم الهدف والغاية ، بالأمس يقولون نحارب القاعدة ونحارب الإرهابيين واليوم يدعمون الإرهابيين ، قبلها كانت في أفغانستان ، طالبان متحالفة مع الأمريكان ويخرج الرئيس الأمريكي ويتكلم أنهم ليسوا إرهابيين ، وبهم يتخلص الأمريكان من عدوهم هناك , ثم يصفهم بأنهم إرهابيون ويحاربهم ليدخل الأمريكان إلى أفغانستان ، أولا يستفيد منهم لإبعاد غيرهم , ثم يتفرد بهم ويدخل المنطقة ، هكذا يريدون ويعملون , واليوم أيضا وهم يحملون راية الحرب ضد القاعدة وضد الإرهاب وإذا هم يدعمون الإرهابيين في سورية وفي غيرها من المناطق هذا يدل على ماذا ؟

    يدل على سذاجة بعض المسلمين ، هذا الذي يستعملك كأداة لضرب المسلمين بعضهم البعض لا يريد الخير للمسلمين

    رابعا: الإساءة يجب أن تكون:

    الإساءة التي حدثت للنبي (ص) يجب أن تكون حافزا للمسلمين

    1ـ يجب أن تكون سبب توحد وسبب تقارب بين المسلمين

    لماذا ؟ لأن النبي (ص) لا شك أنه مشترك عند المسلمين كافة وكل مسلم يؤمن بالله يحب النبي (ص) ولا يرضى بالإساءة للنبي ، والإساءة للنبي (ص) هي إساءة لكل شيئ إساءة للمعتقد ، إساءة للإسلام بأكمله فهو طريق لتوحيد المسلمين وإلتقاء المسلمين ، يجب على المسلمين أن يستفيدوا من هذه ليتألفوا ويتقاربوا فيما بينهم

    2ـ يجب أن تكون الإساءة سببا لتطبيق منهج النبي(ص)

    ليرغب الأخرون في الإسلام ، عندما نقول الغرب أساء للنبي (ص) وصف النبي بأوصاف بعيده عنه ، النبي (ص) بريئ من هذه الأوصاف ولا يشك في ذلك مسلم ولكن نجد بعض المسلمين يتمثل ويتصف بهذه الأوصاف ويدعي حبه للنبي (ص) وإذا سافر لبلد غربي يعكس أخلاقه التي هي بعيدة عن الإسلام فماذا يصف الأخرون؟ يصفون ما يرون , وينسبونه للنبي (ص) , لو سألنا أنفسنا الآن نحن إن أردنا أن نتعرف على أي ديانة من الديانات الأخرى إضرب ما تشاء من الأمثلة ، كيف نتعرف؟

    عموم الناس يتعرفون على غيرهم من الشارع يرون شخص يعمل بعض الطقوس يقولون هذه ديانته ، يقولون في الديانة الفلانية كذا وكذا ، مثلا نرى بعضهم مثلا لا يأكل اللحم نقول في عقيدتهم هكذا ، لم نقرأ من الكتب ، من كتب العقيدة عندهم ولكن نصفهم بما نراه من تصرفاتهم ونصّف دينهم أيضا ، الإسلام أيضا يتصف بأوصاف أتباعه فإذا كان بعض المسلمين لا يطبق الإسلام حقيقة ويرتكبون المخالفات ويرتكبون التجاوزات لا شك أن الأخرين يرون الإسلام هكذا من خلالهم ويرون النبي هكذا وهو بريئ من تلك الأوصاف الشائنة التي يمارسها بعض المسلمين

    3ـ أن تكون طريقا لنشر المعرفة والوعي في العالم الإسلامي

    كما ذكرنا قبل قليل يجب أن تكون هذه محفزا وباعثا للمسلمين أن يتعرفوا على دينهم ويمتثلوا للدين حقيقة وبمعارفه الحقيقة فيعملوا بها

    4ـ يجب أن تكون سببا ملزما لنا لتوضيح الإسلام ومبادئه.

    يعني تكليف شرعي نعتبره بيننا وبين الله ، بل هو كذلك بيننا وبين الله أن نوضح الإسلام ونبين معالم الإسلام ومعارف الإسلام لكل من يسأل وكل من نلتقي به حتى يراه الأخرون على حقيقته لا أنه ينظر فقط إلى أعمالنا ويقولون هذا هو الإسلام وهذه هي أوصاف الإسلام .

    موضوع البلد

    ـــ جنيف والإدانات والإصلاح في البحرين

    إدانات من مؤتمر جينيف وغيره من المؤتمرات بين الحين والآخر وإدانات كثيرة للبحرين ولإنتهاك حقوق الإنسان في البحرين ولكن هل توجد إصلاحات؟ الجواب : كلا

    يجب أن يعرف الذين أدانوا البحرين وثبتوا التجاوز في البحرين على حقوق الناس أن الحكومة في البحرين تستهتر بهم و تستهزيئ بهم

    ــ إقتحام البيوت وطريق الإصلاح بيت الشعلة والبزاز.

    ـــ أخبار عن أطفال تتدهور صحتهم في المعتقل , ولا جواب

    ـــ إصابات واستخدام واسع لسلاح الرصاص الإنشطاري (الشوزن) المحرم دولياً عشية جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، الأمر الذي يشير لحجم الإستهتار الرسمي بالمواقف الدولية .

    ـــ قمعت قوات النظام أكثر من 21 منطقة وقرية على طول البحرين وعرضها

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

  • الرسول(ص) والرسالة (1)

    الرسول(ص) والرسالة (1)

    (الرسول والرسالة )

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنّتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)

    صدق الله العلي العظيم

    وقال علي (ع) يصف ظروف بعثة النبي (ص) قال: (إلى أن بعث الله سبحانه محمدا رسول الله (ص) لإنجاز عدته، و إتمام نبوته، مأخوذا على النبيين ميثاقه، مشهورة سماته، كريما ميلاده، و أهل الأرض يومئذ ملل متفرقة، و أهواء منتشرة، و طرائق متشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره، فهداهم به من الضلالة، و أنقذهم بمكانه من الجهالة»

    «بعث الله رسوله بما خصهم به من وحيه، و جعلهم حجة له على خلقه، لئلا تجب الحجة لهم بترك الإعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق».

    «فبعث الله محمدا (ص) بالحق، ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته، و من طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآن قد بينه و أحكمه، ليعلّم العباد ربهم إذ جهلوه، و ليقروا به بعد إذ جحدوه، و ليثبتوه بعد إذ أنكروه. فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أراهم من قدرته، و خوفهم من سطوته، و كيف محق من محق بالمثلات، و احتصد من احتصد بالنقمات»

     حديثنا حول النبي (ص) والإساءة التي حدثت وتحدث بين الحين والآخر

    الرسول والرسالة

    اولا: وضع الناس قبل الإسلام

    1ـ جهل مطبق في كل شيء

    عندما بعث النبي (ص) كيف كان وضع العرب في الجاهلية؟

     كان جهل مطبق ، لم يكن فيه شيئ من الحضارة والتقدم بل كله ظلم و إضطهاد ولم يكونوا يعرفوا معنى التحضر والثقافة ، ولم يكونوا يعرفوا كيفية التعامل بين الناس ، بين المجتمع بعضه مع بعض ، ولا بين الرجل والمرأة ولا بين الأب وإبنه أوبنته وهكذا فكان المجتمع كله جهل مطبق ، فبعث الله النبي (ص) لينقذ المجتمع ويرتقي بهم ويبني حضارة عظيمة تكون مصدرا للتقدم في العالم بأكمله

    2ـ عدم التوحيد قبل الإسلام

    لم يكن المجتمع يحمل التوحيد الذي ينبغي

    التوحيد والإيمان والمعرفة بالله سبحانه وتعالى

    تقول الزهراء(ع): ( فرأى الأمم فرقا في أديانها عكفا على نيرانها عابدة لأوثانها منكرة لله مع عرفانها فأنار الله بأبي محمد ص ظلمها وكشف عن القلوب بهمها وجلى عن الأبصار غممها وقام في الناس بالهداية فأنقذهم من الغواية وبصرهم من العماية وهداهم إلى الدين القويم ودعاهم إلى الطريق المستقيم)

    هكذا كان إعتقادهم لم يكونوا مؤمنين إيمانا حقيقيا ، لم يكونوا على معرفة ولم يفرقوا بين ماهو متصرف في الوجود وبين ما هو مخلوق متصرف فيه ، فإذا هم يعبدون الأوثان والأصنام هذه ثقافتهم وهذه حضارتهم فجاء النبي (ص) ليرتقي بهم إلى مدارج الكمال في الإيمان ومدارج الكمال في التوحيد والعبادة

    3ـ يقتل بعضهم بعضا:تصف ذلك الوضع فاطمة الزهراء (ع)تقول (ع)

    (وكنتم على شفا حفرة من النار. مذقة الشارب، ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام. تشربون الطرق وتقتاتون القِدَّ والورق. أذلّةً خاسئين. تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم. فأنقذكم الله تعالى بمحمد (ص). بعد اللتيّا والتي. وبعد أن مُني بِبُهم الرجال وذُؤبان العرب ومَرَدَة أهل الكتاب. كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله).

    هذا وضعهم لم يكونا بوضع آمن مجتمع الكل يخشى على نفسه ممن حوله , يخافون من بعضهم البعض لا يبيت الشخص إلا وسلاحه معه يخشى أن يهجم عليه جاره أو غيره وهكذا ، والقوي الذي يستطيع أن يحارب ويقتل يأخذ غيره غنيمة هو وأهله ونساؤه وكل شيئ ،والنبي (ص) يرتقي بالمجتمع إلى أن يجعل وضعهم في إستقرار يحنوا بعضهم على بعض ويؤلف بين قلوبهم ويؤثرون على أنفسهم

     4ـ وضعهم المادي سيئ تقول الزهراء (ع) :  تشربون الطرق وتقتاتون القِدَّ والورق. أذلّةً خاسئين.

    وضع إقتصادي سيئ بل كله عذابات , والنبي (ص) يجعلها دولة فيها التكافل والتكاتف والتلاحم والتواد والتراحم بينهم إلى أن يكون هذا المجتمع أسوة للمجتمعات كلها

     ثانيا : من هوالرسول (ص)

    1ـ أفضل إنسان وهو الصادق الأمين بوصف أعدائه

    النبي (ص) أفضل إنسان كتب عنه الكثير من الكتاب من الشرق والغرب أنه أفضل إنسان على هذه الأرض، النبي (ص) الذي خلق هذه الحضارة من الصفر ، من مجتمع متخلف وإذا هو يرتقي إلى ما وصل إليه فهو أفضل إنسان الذي بلغت حضارته ما بلغت

    2ـ أحسن الناس خلقا ومنطقا.

    (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنّتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) هذه صفاته (ص) أحسن الناس يؤلمه ألم الناس ، يعيش مع الناس كأحدهم إذا صارت مجاعة أو صار جوع وضع الحجر على بطنه ، يعيش كما يعيش الفقراء من الناس

    3ـ النبي (ص) بشارة الأنبياء :

    الذي يتحدث عن النبي يقال له ألا تنظر لكتبكم ألا تنظر لما ورد في إنجيلكم وفي توراتكم ، النبي (ص) بشارة الأنبياء والبشارة تعني الخير وليست الشر

    أ ـ بشارة النبي موسى(ع) وغيره من الأنبياء (الّذين يتّبعون الرّسول النبيّ الأميّ الّذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإنجيل . .) فهو موجود ومكتوب عندهم في التوراة والإنجيل عليهم أن يروا ويروا أنه بشارة و خير لا أنه مستغل أو منافق (نستغفر الله تعالى)  وغير ذلك مما يصفونه (ص)

    ب ـ وعن نبي الله عيسى (ع) ( . . و مبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد . . .) فهو بشارة الأنبياء (ص)

     ثالثا: الكتاب السماوي (القرآن الكريم)

    1ـ نزل عليه أفضل كتاب سماوي

    شامل وجامع ومعجزة وكله بلاغة ، في كل الجوانب القرآن الكريم يشمل جميع جوانب الحياة ، وكله خير وكله بلاغة من ينظر إليه يجد فيه العلم إذ يتحدث عن كل شيئ ويتحدث عن أمور تدرك في زمان وبعضها تدرك بعد زمان وأزمنة وأزمنة ، إذن القرآن الكريم الذي هو أعظم كتاب سماوي لا يمكن أن تبين فيه خطأ وإنما تتبين فيه معالم الحياة وما سوف يأتي في الحياة وما سيقع في الحياة ولو بعد حين

    2ـ الصفات الحميدة في القرآن

    القرآن الكريم ربى أصحابه وركز على أن يجعل الإنسان المسلم والمتبع لدين الإسلام أن يكون أرقى البشر بكل الصفات الصالحة والحميدة بعيدا عن الصفات السيئة والذميمة

    3ـ المنهج المتكامل في الحياة

    القرآن منهج متكامل في الحياة لا يمكن أن تتحدث عن ناحية من الحياة وجانب من جوانب الحياة إلا والقرآن قد خط له منهجا كيف يتعامل الإنسان مع أهله ، مع مجتمعه ، مع جاره ، في عمله ، في كل شيئ القرآن في منهج متكامل

     رابعا: الرسول (ص) القدوة

    (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ) الرسول (ص) أسوة حسنة وقدوة حسنة في كل شيئ ، النبي مجموع  الكمال البشري كله في كل شيئ لا يمكن أن تتصور جانبا أو صفة حسنة يمكن أن يتصف بها الإنسان إلا وإتصف فيها النبي (ص) بأعلى كمالها وأفضل الكمال ونذكر على سبيل المثال  

    1ـ العلم مقترنا بالأخلاق

    عالم لكنه غير متكبر ، عالم بخلق عظيم

    والحكومة المقرونة بالحكمة

    يعني سلطة وقدرة ولكنه حكيم ، لا يتعامل ببطش وإنما بحكمة

    3ـ والعبادة المقرونة بخدمة الناس

    يعبد الله وهو يخدم الناس والأسوة يكون في كل هذه الجوانب ، المسلم يجب أن يقتدي بالرسول (ص) بكل الجوانب وكل ما تأمل أونظر إلى صفة من صفات الخلق أو يجب أن يتصف بها الخلق يجب أن يأخذها من النبي (ص)

    والجهاد المقرون بالرحمة

    النبي (ص) يجاهد ويقاتل ولكنه مقرون بالرحمة ، ليس كما يصفه الواصفون المنحرفون أنه يقتل ، ويقتل الأطفال و النساء ويعتدي ، النبي (ص) لا يقتل إلا من يقتل ولا يحارب إلا من يحارب وهو رحمة للعالمين ، فلو كان الشخص لم يعتنق الإسلام النبي (ص) لا يقتله بذلك السبب وإنما هو رحمة وهو يقتل من يحارب المسلمين أو يحارب الناس أويعتدي على الناس ولا يضرب ولا يعتدي على طفل إذا دخل منطقة , ولا يقتل شيخا ولا إمرأة ولا يقتلع شجرة ووو، وهو رحمة للعالمين

    والعشق الإلهي المقرون بعشق خلق الله

    النبي (ص) يرتبط بالسماء ويعشق الله ويختلي بالله في خلواته و  في عبادته ودعائه ولكنه يعشق الخلق ويبكي على الخلق والله سبحانه وتعالى يسليه ويوصيه (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) لأن النبي (ص) يتألم إليهم ولكنه بشفقته وبرحمته

    والعزة المقرونة بالتواضع،

     تجد العزة أعلى درجات العزة لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين النبي هو قمة العزة والكرامة ولكنه متواضع وقمة التواضع أيضا

    والحداثة المقرونة ببعد النظر

    وهو في طرحه بنظره للجديد وفي صغره وهو أيضا بعيد النظر

    الصدق مع الناس رغم التعقيدات السياسية

    عادة أصحاب الحكومات والذين يتصدرون السياسة تجد عندهم كلام هنا وكلام هنا ولكن النبي (ص) في كل شيئ هو الصادق الأمين مع كل التعقيدات يلتزم منهج الصدق والعطاء المستمر

    وذوبان الروح في ذكر الله المقرون بسلامة الجسم..

    النبي (ص) يرتبط بالله وإرتباطه وإنقطاعه لله الذي تذوب فيه الروح ولكنه ليس الترهب الذي يذوب فيه الجسم وإنما هو الإعتدال السليم

    10ـ وفيه الدنيا المقرونة بالآخرة

    منهج النبي (ص) لا يترك الدنيا(قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق )

    الدنيا لا يرفضها ولكنه مع الآخرة ، فالدنيا مقرونة بالآخرة ، والدنيا وسيلة للآخرة وطريق للآخرة وآخرة لا تمنع تحصيل الدنيا أيضا

    11ـ والأهداف الإلهية السامية المقرونة بالأهداف الإنسانية الجذّابة

    يعني هناك أهداف للإرتباط بالله وتحصيل الآخرة ويوم القيامة ولكن في نفس الوقت أهداف بتطوير الإنسان , و(المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) يرتقي أيضا بالمجتمع إلى الكمالات كلها وغيرها وغيرها من صفات النبي (ص) فكله خير وكله كمال و كرامة

     خامسا: أخطاء بعض المسلمين في فهم الرسول والرسالة:

    المشكله التي تجر الويلات هي الأخطاء في فهم الرسول وفهم الرسالة التي هي موجودة عند بعض المسلمين

    1ـ معصوم في التبليغ فقط

    البعض يفهم الرسول (ص) أنه معصوم في التبليغ ، أما من الناحية العملية يخطأ ويصحح له جبرائيل أو يخطأ و يصحح له بعض أصحابه ، وهذه هي الكارثة التي تجر الويلات لأنه إن كان النبي (ص) يرتكب الأخطاء في نظر المسلمين فلا ننتظر من الآخرين أن يقدسوه ، إذا كان المسلمون هم يخطئون النبي (ص) ويقولون إرتكب الخطأ الفلاني والخطأ الفلاني ويرتكب ويرتكب وأناس من البشر العاديين هم الذين يصححون له فهذا طامة الكبرى لا ننتظر من الآخرين إحترام النبي (ص) إن كنا ننسب الخطأ إليه

    2ـ التاريخ الاسلامي صحيح على عمومه وهذه طامة أخرى

     من الويلات التي تجر على المسلمين ، أن ننظر ما حدث في الإسلام من الفتوحات التي يجب أن تسمى إجتياحات وليست فتوحات ، عندما يكون الخليفة يفتح البلدان الإسلامية ويدمر ما يدمر ويقال تاريخ الإسلام كله صحيح, مثل هذه الرؤية تجر الويلات والنقمات علينا نحن المسلمون وعلى الإسلام والنظر للإسلام والنظر للرسول (ص) , هل ننتظر إذا كنا نصف من يدخل في منطقة ويقتل الأولاد والرجال والنساء والأطفال ولا يبقي ولا يذر ولا يبقي معلما تاريخيا ولا يبقي حضارة ولا يبقي ثقافة ولا يبقي شيئا محترما ونقول هذا هو الإسلام الصحيح ننتظر من الغرب أن يحترموا الإسلام هذه ويلات تجر وويلات سببها المسلمون

     سادسا: الإساءة لأقدس مخلوق

    الإساءة لأقدس مخلوق لرسول الإنسانية جريمة عظيمة وإساءة لكل البشرية.النبي (ص) الذي هو رحمة للعالمين ورسول للبشرية قاطبة والذي جاء بالخير للناس كافة سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين الإساءة إليه جريمة عظيمة وإساءة للبشرية قاطبة , يجب أن يقف المسلمون دفاعا عنه (ص)

    سابعا : أهداف الإساءة للنبي (ص)

    ما هي أهداف الإساءة للنبي (ص) ؟

    1ـ تكريه الناس للإسلام الذي جذب الملايين في كل العالم

    اليهود وغيرهم ممن تشتعل قلوبهم بالحق وكره الخير للناس ,عندما نظروا إلى الإسلام ينتشر في العالم كله وفي الغرب خاصة وعند المفكرين والمثقفين خاصة وجدوا أنه لا بد أن يكرهوا الناس للإسلام ، لا بد أن يشوهوا سمعة الإسلام , لا بد أن يكون تشويه الإسلام لإبعاد الناس عن الإسلام , وذلك يكون بتشويه صاحب الدعوة الرسول النبي (ص) ، فينسبوا له الجرائم وينسبوا له الإعتداء وينسبوا له كل فاحشة وكل قبيح ويعينهم في ذلك ما يصفه بعض الجهلة من المسلمين من أوصاف سيئة للنبي (ص) من أوصاف ومن قتل وغيرها

    2ـ الترويج للبرالية الغربية

    ( وجوابها القتل والسجون في كل مكان) عندما يريدون الترويج لطرحهم , الطرح الذي يتبنونه من إبعاد الإسلام عن الحياة وإبعاد الدين عن الحياة فلا بد أن يهينوا الإسلام و يقولوا الإسلام دين عنف و دين فظاعات في جميع القيم الإنسانية من القتل وغيرها بل حتى من الجوانب الجنسية والإعتداءات التي يصفونها للرسول (ص) ، جريمة نكراء وجريمة عظيمة تنسب للنبي (ص) ، لماذا؟

     ليروجوا طرحهم وكأنهم يطرحون المثل العليا التي تحفظ المجتمع وتحفظ الناس وتحقق الخيرات للناس والواقع هو ليس كذلك ، الواقع أنهم يغزون ويحتلون البلاد في العالم كله إسلامية أو غير إسلامية ، يأخذوا خيراتها و يدعوها أرضا جرداء من غير نتاج , وأهلها يموتون من الجوع ، كم هي السجون في العالم وكم هي المجازر والإعتداءات في العالم و  من الذي يديروها؟

    يديرونها هم , وهم الذين يطرحون ويدعون اللبرالية  

    3ـ الفتنة هي الهدف من هذه الإساءة

    الهدف من الإساءة هو الفتنة و تفتيت المجتمعات التي تتعايش فيما بينها. هناك مجتمعات ودول فيها أديان مختلفة ويتعايشون مع بعضهم البعض وهذا التآلف والتعايش بين المسلمين وبين غيرهم يفوت على الغربيين وعلى المتنفذين وعلى الظالمين الإستفادة من خيرات تلك البلدان فليفتتوا المجتمع وليفرقوا بين أبناء المجتمع يسيئون للإسلام ويجعلون المسيحية تتكلم عن المسلم والمسلم عن المسيحي ليضربوهم ببعضهم البعض

    4ــ الهدف هو تقسيم الدول التي فيها ديانات مختلفة.

    وقد أفصحوا عن بعضها كمصر مثلا يريدون تقسيمها إلى أكثر من دولة الأقباط في جهة والمسلمين في جهة وهكذا لتفريق المجتمع وكلما قسموه تمكنوا من أخذ خيراته أكثر فهذه هي أهدافهم

     ثامنا: واجب المسلمين حيال الإساءة

    1ـ إحتجاجات ووقفات وكتابات قوية تدين هذه الجريمة النكراء 

    نحن مسلمون  ونرى هذه الإساءة لنبينا (ص) ؟!

     ماذا يجب علينا أن نفعل ؟!

     هل نقف ساكتين ؟!

     أم يكن لنا موقف واحد بمستوى الحدث ؟!

     يجب أن تكون هناك إحتجاجات ووقفات وكتابات قوية تدين هذه الجريمة النكراء أولا , يجب على المجتمع أن يحتج أن يخرج صوتا ,أن يتكلم ويقول هذا ظلم وهذه إساءة مخالفة ومغايرة للواقع ، واقع النبي (ص) ليس كما يصورنه في أفلامهم

    2ـ من يكون في موضع ولعمله أثر كمقاطعة عليه أن يقوم بدوره , كالتجار.

    إن كان تاجرا مثلا يستطيع أن يشكل ضغطا معين يجب عليه أن يكون له موقف مقاطعة بيان لا يقف كأنه غير معني , ولا كأنه حدث شيئ ولم يتغير شيئ

    3ـ الحكومات التي تدعي الدفاع عن الإسلام يجب أن يكون لها مواقف عمليلة واضحة مثلا:

    الحكومات المسلمة واجبها الأكبر الواجب يكون عليها أكثر من غيرها ، إذا كانت تدّعي الدفاع عن الإسلام هنا نقول لهذه الحكومة ولغيرها من الحكومات عندما حدثت هذه الإفتراءات على رسول الإسلام وصارت الإساءة إلى رسول الإسلام وأنتم تتبنون الإسلام وتدعون الدفاع عن الإسلام ماهي مواقفكم ؟

    هل إستدعيتم سفيرا؟

    هل طردتم السفير ؟

    هل أوقفتم ومنعتم مكاتب المعاملات الإقتصادية والتبادل التجاري بينكم وبينهم ؟

     يجب على الحكومات أن يكون لها موقف ويجب على الشعب أن يضغط على الحكومات ليكون لها موقف ليحترم الناس النبي (ص) .

    المجتمع الذي لا يدافع عن أقدس مخلوق ، عن أقدس إنسان في الوجود وهو النبي (ص) هذا مجتمع ميت ليست عنده حركة.

     يجب علينا أن تكون لنا مواقف قوية وصادقة بمستوى الحدث

    موضوع البلد

    1ـ حرمان الأطفال من بناء مستقبلهم بزجهم في السجون بدل دراستهم ( أي إعتقال سياسي)

    السجون مليئة بالأطفال ويا للعار على ذلك , ومما يلفت الإنتباه في البحرين الظلم الفاحش والتعدي الفاحش بحيث أنه يشمل حتى الأطفال ، يقال أفرجوا عن أشخاص سياسيين فتذهب لزيارتهم وتجدهم أطفال لم يخط لهم شارب وهم معارضون سياسون , ومعتقلون سياسون  ، ظلم فاحش يمنعهم من بناء مستقبلهم ومواصلة مستقبلهم يجب على الحكومة أن تفرج عن كل المساجين

    2ـ المسيرات هي طريق الرخاء ومحاربة التأزيم

    المسيرات هي طريق الرخاء وليست طريقا للتأزيم عندما نظرنا لمكان المسيرة هو منطقة صغيرة وليست منطقة كبيرة ، منطقة صغيرة والحكومة والنظام شلّ المنطقة بأكملها أكثر من أربعين نقطة تفتيش وقوات الأمن منتشرة في كل مكان ، إرهاب والمسيرة في مكان صغير أيهما الذي يسبب التأزيم ، المسيرة جاءت لتطالب بالرخاء والحرية للناس ومنع التأزيم والحكومة هي التي تركز التأزيم في المجتمع

    3ـ السماح للمسيرات

    نجد بين الحين والآخر كما الآن مثل يسمح للمسيرة ، السماح للمسيرة أو عدمه , والمحاكمات وتأجيل المحاكمات , كلها لعبة سياسية من أجل التسويق الإعلامي ، هدفها التسويق الإعلامي وكلما تطرح أوراق في الخارج يقولون سمحنا وأفرجنا وإذا إنتهى طرح ورقة البحرين وأزمة البحرين ومشكلة البحرين في المنظمات العالمية والحقوقية رجعوا لقمعهم وإستمروا في قمعهم

    الشعب لا تنطلي عليه هذه الأمور ولا تنطلي على المتابع من الخارج أيضا أن هذه ليست إصلاحات ، ليست إصلاحات وإنما هي لتسويق إعلامي فقط ، والشعب مستمر في مطالبه ولا يتراجع والحضور في المسيرات يجب أن يكون قويا ومستمرا وثابتا لا يتراجع ، الأهداف التي يخرج إليها المطالب يجب أن تكون واضحة لا أنه يتعلق مثلا بالخروج فقط وينسى الأهداف ، الأهداف هي تحقيق العدالة في البحرين وإعطاء الشعب حقه في تمثيل نفسه و هو مصدر السلطات يجب أن تكون حاضرة عندنا دائما ونستمر بالمطالبة بها ولا نتنازل عنها

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

  • القرآن(1)

    القرآن(1)

    القرآن(1) – حديث الجمعة : 27/7/2012

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

     بسم الله الرحمن الرحيم

     (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان)

    هذه الآية تحدثت عن نزول القرآن

    أولا: متى نزل القرآن ؟

    1ـ النزول هو الورود من الأعلى

    إذا ورد من الأعلى فهو نازل ، فقد يكون نزول الشيئ من الأعلى من مكان مادي فيقال نزل الشيء المعنوي كذلك يقال نزل

    2ـ الفرق بين الإنزال والتنزيل

    هناك فرق بين الإنزال والتنزيل والقرآن الكريم في آياته تحدث عن الأمرين ونتيجة كل واحد منهما تختلف عن الأخرى .

     الإنزال : هو النزول الدفعي ، دفعة واحدة أنزل القرآن ، هذا الإنزال

    والتنزيل : هو التنزيل التدريجي الذي يستمر فترة , متفرق في تنزيله 

    3ـ الآية التي إبتدأنا بها تدل على نزول القرآن في شهر رمضان دفعة واحدة, قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) فنزل القرآن بحسب هذه الآية دفعة واحدة

    4 ـ هناك آيات أخرى تبين نزول القرآن تدريجيا وليس دفعة

    واحدة كقوله تعالى ﴿وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا﴾ يعني القرآن نزل بحسب هذه الآية تنزيل وتدريج وليس دفعة واحدة

    5ـ الواقع يثبت وجود التنزيل التدريجي

    نرى في سيرة النبي (ص) وتاريخ الدولة الإسلامية في زمن النبي (ص) أنه كان الوحي ينزل على النبي وتنزل الآيات تدريجا ، كل حادثة تنزل فيها آية تخص تلك الحادثة ، تبين الحكم فيها ، الموقف فيها ، فالنزول تدريجي بحسب الواقع

    وينتج عن هذا إشكال أو توهم :

    أنه يوجد تعارض بين الآيات ، يعني قد يتسأل البعض أنه إذا قلنا بهذا المعنى آيات تتحدث عن نزول القرآن لمدة الرسالة وآيات تتحدث عن نزول القرآن في ليلة واحدة(إن أنزلناه في ليلة مباركة ) و(إن أنزلناه في ليلة القدر )ليلة واحدة وآيات تتحدث عن النزول التدريجي المستمر لفترة طويلة ، إذا هذا التعارض ماهو علاجه

    وأجيب على ذلك الإشكال بعدة أجوبة منها:

    الجواب الأول: قال صاحب هذا الجواب بأنه نزل دفعة إلى سماء الدنيا في شهر رمضان ، يعني الآيات التي تحدثت عن نزول القرآن يقول هذا الجواب أنها نزلت دفعة واحدة ولكن إلى السماء ثم بعد ذلك نزلت  نجوما مقطعة مجزءة إلى النبي (ص) عن طريق الوحي

    ــ واستشكل على هذا الجواب بعدم كونه هاديا في السماء.

    كيف يكون القرآن هداية إذا كان في السماء وليس في الأرض يعمل به ، لأن الآية تقول (هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) فكيف يكون هدى و بينات من الهدى والفرقان وهو في السماء يقول هذا المستشكل .

    ويجيب البعض على هذا الإشكال بجواب غير تام وهو أن كون القرآن هداية لا ينافي كونه في السماء لماذا ؟

    لأن من شأنه الهداية ، القرآن من شأنه يكون هاديا ، إذا عمل به إذا وصل للناس إذا أخذ به الناس فهو هداية في نفسه ، كالقوانين التي تسن وتشرع في المجتمع ، إذا وضعت القوانين في المجتمع ولا زال لم يعمل بها الناس هل يقال أنها ليست هداية ؟

    الجواب يقول لا ، بل هي هداية وإن لم يعمل بها الناس ، هذا ليدفع هذا الإشكال .

    ولكن يرد عليه أن القرآن ليس فقط قوانين عامة ، القوانين العامة التي تطبق في قضايا خاصة وإنما القرآن يختلف عن القوانين بأنه خطابات موجهة ، فيه خطاب موجه لأشخاص وفيه حكم في قضايا معينة بعد أن وقعت كقوله تعالى

    ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما﴾

    هذه تشير على أن هذه الآية قيلت بعد وقوع الحادثة ، فلا يمكن أن يكون هذا المعنى أو هذه الآية بنفسها بلفظها قبل حدوث الحادثة ، إذا هذا الجواب ليس تام

    الجواب الثاني : أن المراد من نزول القرآن في شهر رمضان هو أول آية نزلت من القرآن ، فإذا نزلت أول آية يقال نزل القرآن ، يعني نزل القرآن في شهر رمضان بنزول أول آية منه ولم ينزل القرآن بأكمله.

    ويرد على هذا الجواب ويستشكل عليه:

    إنما بعث النبي بالقرآن، البعثة كانت بالقرآن وبعثة النبي (ص) لم تكن في شهر رمضان ، بعثة النبي في (السابع والعشرين من شهر رجب) , وأول سورة نزلت (اقرأ باسم ربك الذي خلق ) في ذلك الوقت ، كيف يكون أول آية نزلت في شهر رمضان ؟ إذا هذا الجواب أيضا ليس مقبول

    الجواب الثالث: هو التفصيل بين معنى النزول ومعنى التنزيل ولكن بعد التدبر في أمور

    1ـ أن الآيات التي تتحدث عن الإنزال

     هي التي تتحدث عن إنزال القرآن ونزوله في شهر رمضان , الآيات كلها التي نقرأها كما نقرأ هذه الآيات(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) تتحدث عن النزول في شهر رمضان (حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) نزل في ليلة مباركة وقال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر ) وهو أيضا إشارة إلى نزول القرآن في تلك الليلة في شهر رمضان 

    2ـ توجد آيات تدل على التدريج

    هناك آيات تدل على التدريج ، نتأمل في هذا المعنى لنرى كيف يكون الجمع بين هذه الآيات ، يقول تعالى  (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً)هذه الأية تدل أن القرآن نزل تدريجا وليس دفعة واحدة .

     إذن المعنى موجود فهناك نزول دفعي وهناك تنزيل تدريجي

    3ـ آيات تدل على وجود القرآن عند النبي (ص) قبل نزول الوحي

     هناك دلالة على وجود القرآن عند النبي (ص) قبل أن ينزل عليه الوحي

    كقوله تعالى (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) قبل أن يأتيك الوحي لا تعجل به ، إذا هو موجود عند النبي (ص) والله يقول لا تعجل به ، يعني لا تخبر به لا تتعجل لا تتكلم فيه حتى يقضى إليك وحيه ، وقوله تعالى(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)هذه الآيات تبين أن النبي (ص) كان عنده القرآن وتبين أن هناك أمر من الله سبحانه وتعالى بعدم التعجل في بيان معاني القرآن بل تطلب أو تأمر النبي (ص) أن يدع ذلك لصياغة الوحي من الله سبحانه وتعالى فتقول إن علينا جمعه ، جمع هذا القرآن الموجود وهو عندك ، وقرآنه فإذا قرآناه فاتبع قرآنه ، فإذا قرأنا وصغنا لك الآيات بعد ذلك تبينها ، إذا هو موجود عند النبي (ص) ما هي النتيجة؟

    النتيجة والجواب: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن﴾وقوله: ﴿إنا أنزلناه في ليلة مباركة﴾ وقوله ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ يدل على إنزال حقيقة الكتاب ومعاني الكتاب المبين إلى قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعني المعاني التي يشتمل عليها القرآن وليس الحوادث الجزئية وإنما المعاني للقرآن المحكم والثابت أنزل على قلب النبي (ص) أولا ثم بعد ذلك ينزل التفصيل من الوحي بالآيات المفصلة تبين الحادثة الفلانية ، حكمها كذا ، القضية الفلانية ، الموقف فيها كذا ، هذا يأتي تدريجا على مدى الدعوة الإسلامية  .

    ثانيا: القرآن كتاب هداية

     قال تعالى ﴿هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان﴾القرآن كتاب هداية ، ما هو المقصود بالناس ؟

    1 ـ الناس وهم الطبقة المتوسطة

    الطبقة المتوسطة أو الذين فهمهم أقل من المتوسط (الدانية) يقول تعالى ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس ولا يعقلها إلا العالمون﴾ فكأنه هناك طبقة أقل وهناك عالمون ، العالمون هم غير ذلك فهم يعون ويدركون الآيات والبينات. 

    2ـ ( وبينات من الهدى ) هنا القسم الآخر وهم العالمون  

    العالمون هم الذين عندهم إستعداد للمعرفة والبحث وإتباع الأدلة ، لذلك قال تعالى (هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) بينات يعني (أدلة) ، أدلة تبين الحق وتفرق بين الحق والباطل ، يتبعها العالم العارف الذي يكون عنده إستعداد للتفكير وإختيار الصحيح 

    يقول تعالى: ﴿يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط مستقيم) هذا هو القرآن طريق الهداية

    3ـ الخلاصة : القرآن هداية للجميع

    الذي يلتزم بالقرآن ، الذي يتبع القرآن يستفيد ، هداية للجميع ، عندما صار هذا التفريق في الآية المباركة بين عموم الناس وبين من يتبع البراهين 

    هل أن القرآن ليس هدى للناس ؟ طبعا قالت الآية هدى للناس يعني هناك خصوصية في هذا القرآن أن الجميع يستفيد ، كل إنسان من المجتمع يستطيع أن يستفيد من القرآن وكل بحسبه ، العالم يتبحر في القرآن ، وفي علوم القرآن ومفاهيم القرآن وما يدل عليه من ظاهر وباطن،  والإنسان العادي أيضا يستفيد من القرآن ويهتدي بالقرآن ولو بقراءة آياته , هكذا يقرأها ويتأمل بقدره ويسمع الآيات فهي تؤثر فيه ويهتدي بها ، لأن الأية قالت(هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) الناس كلهم يستطيعون الإستفادة منه ، وهذا من خصائص القرآن وإعجاز القرآن أن يكون الإنسان الكبير والواعي والعالم يقرأ في القرأن وكلما قرأ أو تبحر وجد علما غزيرا ووجد نفسه لم يصل إلا إلى القليل ، والإنسان العادي أيضا يقرأ القرآن ويجد فيه الروعة والجمال ويجد فيه الخير والمفاهيم التربوية والصالحة ويستفيد منه كذلك ،

    فالقرآن للجميع ، لذلك على المؤمن أن يواظب على القرآن ويستفيد من القرآن , بل يجعل القرآن هو المدّرس له وهو المتعلم من القرآن , ولا يأتي بنظريات مسبقة من عنده ويفرضها على القرآن وإنما يضع نفسه تلميذا متعلما للقرآن فيستفيد بذلك ، النبي (ص) يقول  (الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ ، وَمَاحِلٌ مُصَدِّقٌ ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ) الذي لا يأخذ القرآن ولا يجعل القرآن قدوته وطريقه ومنهجه وبرنامجه يكون مصيره إلى النار ، والذي يجعل القرآن هو المصدر وهوالأساس وهو المعتمد وهو المنهج وهو الطريق فلا شك أنه إلا الجنة .

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

  • الصيام(1)

    الصيام(1)

    (الصوم) – حديث الجمعة – 20/7/2012

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

    صدق الله العلي العظيم

    حديثنا حول الصيام وأثر الصيام في تحصيل الإيمان وتحصيل التقوى , وتربية الإنسان المسلم , وتهذيبه بتعاليم الإسلام , وصقل شخصيته وأوصافه النفسية , وتعديل غرائزه

    أولا : الآية الأولى والثانية توطئة

    لإن الصيام يلازم حرمان النفوس من أعظم رغباتها وملذاتها وشهواتها ، لذلك الآية توطئة وتهيئة للناس لكي يتقبلوا هذه الفريضة التي إفترضها الله تعالى عليهم ، فجاءت هذه الآيات لتبين العلل والأسباب لفرض هذه الفريضة  

    ثانيا: التوطئة في هذه الآيات هي:

    1ـ الآية تقول : لا تستوحشوا من تشريع الصوم فقد شرّع لمن كان قبلكم , ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم) لستم متفردين في هذه الفريضة التي أوجبها الله تعالى عليكم ، فلستم أشخاص متفردين ولوحدكم فرض عليكم هذا التكليف الشرعي الذي تجدونه شاقا.

    2ـــ أن في هذا العمل ،هذا الحكم الشرعي رجاء ما تبتغون و تطلبون بإيمانكم ، عندما أعتنق الإنسان المسلم الإسلام إنما أراد أن يترسخ الإيمان في قلبه ، أراد أن يتحقق الإيمان والتقوى في نفسه ، والآية تشير إلى أن الصوم هو طريق  لحصول التقوى , برجاء أن يحصل الصائم على التقوى , يعني هو سبب لتحصيل التقوى عند الإنسان المسلم الصائم .

    3ـــ أن هذا العمل الذي فيه رجاء التقوى لا يستوعب جميع الأوقات وإنما هو أيام معدودات بسيطة فلا تستكثروه ولاتستصعبوا الصوم لأنه أيام معدودات وخيره كثير , فتقبلوا الصوم الذي فيه الخير الكثير .

    4 ـــ مراعات من يشق عليه أصل الصيام , الآيات المباركة عندما بينت وجوب الصوم أيضا بينت أنه من يكن الصوم عليه مشقة فهو معفى عن هذا الصوم ، لا يجب عليه الصوم لأنه يعيش في حالة مشقة سواء كان كبيرا في السن أو كان مريضا ،أو ضعيفا ، فليس عليه الصوم بل يعوض عن ذلك بفدية ، وهذه الفدية أيضا ليست أمرا كبير وإنما هي إطعام مسكين ، مسكين واحد ليست صعوبة فهذا تكليف فيه الرحمة , فيه الفائدة , وهو تحقيق التقوى وتحقيق الخير وأيامه قلائل ومن لا يستطيع الصوم , أو يجد فيه مشقه فوظيفته أن يدفع فدية بسيطة

    5ــ و إذا كان هذا العمل يشتمل على خيركم ، الآيات تتحدث إذا كان هذا العمل هو خير لكم كان الجدير بكم أن تأتوا به طوعا من أنفسكم لا تعتبروه تكليفا ومشقة وإن كان هو ملزم ، الصوم إلزام لجميع المسلمين ولكن لأنه يشتمل على الخير الكثير للمسلم وعلى سعادة المسلم وتحقيق الغاية من وجود الإسلام نفسه وهوالتقوى تحقيق الغاية من كل عبادة التي هي التقوى يحققها الصوم فكان الأجدر بالصائم او بالمسلم أن يصومه طوعا ومن غير شعور بالضيق أو بالصعوبة (وهذا النفس وهذه الروح موجودة عند كثير من الآباء وينقل كثير على أن بعض الناس إذا  إنتهى شهر رمضان يبكي لأنه فارق هذا الشهر الذي فيه الخير وفيه البركة وفيه  الإنقطاع لله سبحانه وتعالى ) وهذا هو المناسب أن يعيش الإنسان المسلم الروحية الحقيقة للصوم فيشعر بالراحة ويصومه طوعا من نفسه ويعتبره تشريفا له ولا يعتبره تكليفاعليه.

     6ــ الإتيان بهذا الخطاب ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) يذكر المسلمين بصفة الإيمان الذي يوجب عليهم إذا إنتبهوا له أن يقبلواعلى هذا العمل حتى لو وجدوا فيه صعوبة ، حتى لو كانت فيه مشقة ، لأنه يصفهم بالإيمان ويخاطبهم بالمؤمنين بالله ، والمؤمن بالله ماذا تعني ؟

     تعني :

    المؤمن بحكمة الله ..

     المؤمن بأن ما فرضه الله تعالى عليه خير له وراجع إليه.. المؤمن بأن كل تكليف فرضه الله سبحانه وتعالى لا يرجع لغير العبد فالصوم أيضا يرجع بفائدته على الإنسان وليس لغير الإنسان .

    ولذة الخطاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ)

    يقول عنها الإِمام الصادق (عليه السلام) عن هذا الخطاب يقول: «لَذَّةُ مَا فِي النَّدَاءِ – أي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) – أَزَالَ تَعْبَ الْعِبَادَةِ وَالعَنَاءِ» إذا وصفك الله بأنك مؤمن فأي عناء تشعر أو تلتفت لعناء أو تعب!

    ثالثا: الآيات المباركة إخبار عن تحقق الكتابة

    تحقق الفرض الإلهي , و ليس بإنشاء لحكم الصيام , يعني هذه الآيات جاءت تبين أن هذه فريضة موجودة لم تكونوا تعلموا بها الأن بيّنت , كانت مفروضة على الأمم السابقة والآن هي مفروضة أيضا عليكم

    رابعا: الذين من قبلكم ما هوالمراد بهم ؟

    المراد بهم الأمم الماضية ممن سبق ظهور الإسلام من أمم الأنبياء كأمة موسى و عيسى و غيرهم وهو المعهود من إطلاق هذه الكلمة في القرآن أينما أطلقت وليس جميع الأمم وإنما هي أمم الأنبياء يعني الأديان السماوية ، فريضة فرضها الله سبحانه وتعالى على الأمم وفرضها عليكم

    خامسا: الكتابة كما كتب على الذين من قبلكم في أصل التشريع فقط

    كيف كانت الكتابة على الأمم السابقة ؟

    هل كان فرض الصوم عليهم كما هو فرض الصوم في الإسلام ؟

    الجواب: فرض عليهم الصيام ولكن ليس بنفس الطريقة والخصوصية وإنما هو من حيث أصل الوجود ، أصل الصوم و الكف لا من حيث خصوصياته ، فهناك صيام يختلف عند الأمم السابقة .

     الأيام تختلف ، بعض المحرمات تختلف ، وهكذا , وليس أنه فرضه كما فرضه في الإسلام ,فليس مفروضاعلى الأمم السابقة بنفس التفاصيل ونفس المفطرات و الأيام والأوقات , لا ليس كذلك

    سادسا: الصوم الموجود في الملل السابقة ما هو ؟

    يصومون أياما معدودة في السنة إلى اليوم بأشكال مختلفة الأمم السابقة تصوم ولكن عن ماذا ؟

    بعضها مثلا كالصوم عن اللحوم لا يأكلون اللحوم و الصوم عن اللبن و الصوم عن الأكل و الشرب،,,و في القرآن الكريم قصة صوم زكريا عن الكلام و كذلك صوم مريم عن الكلام فيوجد صوم ولكنه بحيثيات مختلفة وبتفاصيل مختلفة عن الصوم الموجود في الإسلام

    سابعا: الصوم عند غير المليين

    غير المسلمين وغير الديانات السماوية هل الصوم موجود عندهم أيضا أم لا ؟

    الجواب:

    أنه موجود ويعتبر عندهم عبادة أيضا ،عبادة مأثورة عند غير المليين كما ينقل عن مصر القديم و اليونان القديم و الرومانيين.

     و الوثنيون في الهند يصومون حتى اليوم .

    ثامنا:أياما معدودات : ذكر بعض المفسرين:

     أن المراد بالأيام المعدودات التي كتب فيها الصيام

    هي  ثلاثة أيام من كل شهر و صوم يوم عاشوراء ، فالمفروض هو ثلاثة أيام مع صوم يوم عاشوراء

    و قال بعضهم: المفروض هو ثلاثة أيام , والثلاثة أيام هي أيام البيض من كل شهر و صوم يوم عاشوراء فقد كان رسول الله و المسلمون يصومونها ثم نزل قوله تعالى:

    (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )،يعني الآيات فيها قسمان وهما:

     القسم الأول الذي تتحدث عن أيام معدودات فالحديث فيها عن ثلاثة أيام مع يوم عاشوراء ..

    والقسم الثاني بعد أن جاءت الآية(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ…)

     إلى قوله (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) يقولون هذه نسخت ما قبلها فكان الصوم هو ثلاثة أيام مع صوم يوم عاشوراء, ثم نسخت بتشريع صوم شهر رمضان

    والجواب الذي يبطل هذا القول:

    1ـ أن الصيام عبادة شاملة

     و لو كان الأمر كما يقولون لضبطه التاريخ و لم يختلف في ثبوته الناس ، تصوروا عبادةعامة , والمسلمون كانوا يقومون بها و يعملون بها ثم يختلفون فيها ؟!!

     هل أنها منسوخة أو لا ؟

     هل كانت موجودة أم لا ؟

    هذا دليل على أنه لم يكن هذا الطرح موجودا وإنما هو إختراع خصوصا قضية يوم عاشوراء  وأن الآية تتحدث عن صيام يوم عاشوراء ، وأن فيه خير وفيه بركة ، هذا إختراع من بني أمية ، بدعة إبتدعها بنو أمية ، والآيات ليست في هذا الوادي وهذا الطرح

    2ـ أن الآية الثالثة تأبى أن تكون نازلة لوحدها

    الآية التي تتحدث وتقول (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) هي مع الآيات التي قبلها كلها في سياق واحد وكلها تتحدث عن تشريع الصوم وليس أنها جاءت ناسخة لما قبلها ،الناسخة لما قبلها هي التي تخالف ما قبلها وهنا لا تخالف وإنما هي بينت الأيام المعدودة

    تاسعا: فمن تطوع

     التطوع هو مقابل الكره و هو إتيان الفعل بالرضا و الرغبة، و لا دلالة فيه على الندب والإستحباب ، ليس فيه دلالة على الندب والإستحباب فمن تطوع خير إنما هي جاءت لتبين فلسفة الصوم وأنه خير وفيه فائدة وليس لتبين أن الإنسان مخير يصوم أو لا يصوم كما يزعون

    ــ إشكال : قال بعضهم أن الصوم كان مخيرا ثم فرض !

    لم يكن الصوم فرضا على الجميع كان مخيرا ثم فرضه الله تعالى على الناس

    والجواب: أن الآية ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ جاءت لتبين فلسفة الصوم وليس لتخيير العمل نفسه أنه يصوم المؤمن او لا يصوم ، أرادت الآية أن تبين الغاية والهدف من الصوم ، أنه خير , أنه يعود بالفائدة على الناس ، وليس أن تقول أنتم مخيرون بين الصوم أو لا تصوموا ,, كما في قوله تعالى

    ﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾

    إعبدوا الله العبادة والإنسان ليس مخيرا أن يعبد الله أو لا يعبد الله ، وإتقوه التقوى لله ليس مخير مع ذلك تقول الآية: (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) فهي تبين الغاية من عبادة الله وتبين الغاية من تقوى الله وليس أن يكون الإنسان مخير أن يتقي الله أو لا يتقي ، يعبد الله أو لا يعبد الله سبحانه وتعالى

    عاشرا : الصوم مدرسة

    الصوم مدرسة كبيرة وتربية تصنع التقوى ، الصوم مدرسة تصنع التقوى عند الإنسان 

    1ـ التربية في الصوم

     ومن فوائد الصوم الهامة والكثيرة

    أ ـ تلطيف روح الإِنسان.

    تلطف روح الإنسان وتجعل نفس الإنسان نقية وطاهرة

    ب ـ وتقوية إرادة الإنسان

    تقوى إرادت المسلم الصائم ، الصائم يتعود على أمور لم يكن معتادعليها ، فتقوى إرادته فتتحقق عنده العزيمة

     ج ـ تعديل غرائزالإنسان

    الصائم تتعدل غرائزه ، لما لم يكن صائم وعنده كل شيئ متى إشتهى ، متى أراد أن يأكل أكل ، متى كذا ، عنده كل الأمور متوفرة ولكنه في الصوم إذا فرض عليه الصوم ، في فترة الصيام يحاسب نفسه ويعمل بإرادته فتقوى إرادته وتنضبط غرائزه .

    ـــ الصوم يرفع الإنسان من عالم البهيمية إلى عالم الملائكة وهوعالم التقوى وعبارة ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ تشير إلى ذلك وهو أعلى الدرجات أن يرتقي الإنسان وسبب هذا الرقي والوصول إلى التقوى هو الصوم ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾

    ــ  يقول صاحب جامع السعادات المعروف  يقول (يستحيل أن تشرق الأنوار في قلب بطن صاحبه مملوء ) إذا لم يكن له برنامج يصوم ويجوع ويشعر بالجوع , وإنما هو دائما ممتلئ البطن فيستحيل أن تشرق الأنوار في قلبه لأنه يقول هناك تبقى على القلب حجب بسبب هذا الأكل وحتى ماديا يثبت ذلك يكون هناك بعض المؤثرات على القلب وعلى المخ أيضا ، أما الصائم فيتخلص من ذلك ويستطيع إذا توجه لله سبحانه وتعالى أن ينقطع لله ويستفيد بتوجهه لله سبحانه وتعالى

    ـــ  الحديث المعروف: «الصَّوْمُ جَنَّةٌ مِنَ النَّارِ»الصائم في جنة من النار يعني حاجز ومانع عن النار، لماذا هذا الحاجز ؟

    لأنه يحقق في نفس الإنسان هذه الأمور ، تكون إرادته سليمه ، روحه طاهره غرائزه معدله مضبوطه ليس عنده إنحراف

    2ـ الصوم درس في المساواة

    من الفوائد للصوم أنه درس للمساواة لذلك يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في جواب عن سؤال بشأن علّة الصوم، عندما يسأل ما هي علة الصوم يقول : «إِنَّما فَرَضَ اللهُ الصِّيَامَ لِيَسْتَويَ بِهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَذَلِكَ إِنَّ الْغَنِيَّ لَمْ يَكُنْ لِيَجِدَ مَسَّ الْجُوعِ فَيَرْحَمَ الْفَقِيرَ، وَإِنَّ الغَنِيَّ كُلَّمَا أَرَادَ شَيْئاً قَدَرَ عَلَيْهِ فَأَرَادَ اللهُ تَعَالى أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ خَلْقِهِ، وَأَنْ يُذِيقَ الْغَنِيَّ مَسَّ الْجُوعِ وَالاْلَمِ، لِيَرُقَّ عَلَى الضَّعِيفِ وَيَرْحَمَ الْجَائِعَ»

    هذه من فوائد الصوم أن يكون الغني يشعر بالجوع ، يشعر بالألم فينظر لمن يعيشون مجاعات فيشعر في نفسه أنه مقصر عندهها يمد يد العون ويعطي غيره .

    3ـ الصوم صحة وشفاء

    من الفوائد أنه صحة وشفاء

    ـــ التخمة وتراكم السموم في الجسم من الأكل

     إذا صار الإنسان همه فقط الأكل تتراكم السموم في جسمه وهذا ضرر كبير يعرفه الجميع ويقتنع به ويؤمن به الجميع أنه كلما كان الشخص أكثر أكل كلما كان أكثر أمراض

    ـــ الصوم بذلك يحرق المواد والفضلات الزائدة في الجسم فيجعل الجسم في أمان وسلامه 

    ـــ لذلك ينبغي شرعا عندنا أن لا يكثر الصائم من الإفطار والسحور لتتحقق الفائدة من الصوم ، أما أنه إذا كان الشخص مثلا يصوم وفي الليل يأكل كثير بحيث أنه لا يستطيع أن يتحرك وإذا جاء السحور يأكل كذلك فهنا لم يستفد من الصوم في هذا المجال لم تتحقق الفائدة ، ربما إذا أكل كثير ينام بعد صلاة الصبح ويستيقظ الظهر وهو لا زال لم يهضم ما في بطنه ،فهو ضرر وليس فائدة لذلك يدققون على قضية أن لا يأكل كثيرا عند الإفطار ولا يأكل كثيرا عند السحر

    يذكرالسيد دستغيب رحمة الله عليه أن الشخص الذي كان يأكل مثلا ثلاث وجبات يجب أن تقل في الصوم وإذا كان يأكل وجبتين يجعلها وجبة واحدة حتى يكن هناك تغير في حاله

    ــ يذكر العالم روسي «الكسي سوفورين» من فوائد الصيام يقول في كتابه: «الصوم سبيل ناجح في علاج أمراض ويذكر كثير منها… فقر الدم، وضعف الأمعاء، والإِلتهابات البسيطة والمزمنة، والدمامل الداخلية والخارجية، والسل، ووو، والروماتيزم، والنقرس والإِستسقاء، وعرق النساء، والخراز (تناثر الجلد)، وأمراض العين، ومرض السكر، وأمراض الكلية، والكبد والأمراض الاُخرى , بل يشمل الأمراض المرتبطة باُصول جسم الإِنسان وخلاياه مثل السرطان والسفليس، والسل والطاعون وغيرها …أمراض كثيرة »

    الصوم يؤثر وينفع صاحبه إن كان يصوم الصوم الشرعي

    ـــ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «صُومُوا تَصُحُّوا» ففي الصوم صحة

    وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً: «الْمِعْدَةُ بَيْتُ كُلِّ دَاء وَالْحَمِيَّةُ رَأْسُ كُلِّ دَوَاء» ففوائد كثيرة للصوم تحقق..

    وأهم أمر يتحقق من خلال الصوم هو أهم أمر عند الإنسان والذي خلق من أجله وهو الإرتباط بالله وتحصيل التقوى وهذا أهم شيئ يحققه الإنسان المسلم في حياته لأن أفضل الزاد هو التقوى

    موضوع البلد

    أشير إلى نقطتين فقط

    أولا: الانتهاكات المتعددة للبيوت من قبل مرتزقة النظام والتعدي على حرمات النساء الشريفات

     لا ينم إلا عن فكر متخلّف ، إعتداءات على البيوت وعلى النساء هذا لا يكشف إلا عن فكر متخلف وعن نظام ديكتاتوري بعيد كل البعد عن القيم الإسلامية والإنسانية المتحضّرة، ومصادِرة للحق الدستوري المتسالم عليه , والذي يقول الناس مكفولون وفي آمان يعيشون , وإذا الإعتداءات على البيوت وإقتحام البيوت وإنتهاك للحرمات ، وهذا يمثّل استهتارًا واستخفافًا بجميع القيم والعادات والأعراف والشرف والنخوة العربية التي لطالما تشدّقوا بها.

    يتكلمون عن نخوة العرب وشرف العرب ولكنهم في الواقع بعيدين كل البعد عن هذا الشرف وهذه النخوة

    ليست هناك نخوة ولا شرف ولا إلتزام بقيم دينية وإسلامية ولا عربية ولا أخلاقية ولا إنسانية وإنما التجاوزات والإعتداءات تصل إلى البيوت وإلى الناس الآمنين في البيوت من الرجال والنساء وكبار السن والأطفال.

    ثانيا: منع المسيرات السلمية تجاوز على الدستور

    دائما يتحدثون نريد أن نقنن نريد فقط أن تكون المسيرات في مكان لا تضر بحركة السير لا تضر بمصالح الناس الإقتصادية ، كانوا يقولون لا نريدها مثلا في المنامة العاصمة لأنها تضر وإذا هم حتى بين البيوت في القرى والطرقات والممرات الضيقة يقمعونها وهذا يدل على الإلتزام بالدستور أم التجاوز للدستور والتعدي على الدستور والتعدي على الحقوق والإستمرار في التعدي ولا توقف .

    والحمد لله رب العالمين واصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين  

  • الإمام المهدي (عج) ( 2 )

    الإمام المهدي (عج) ( 2 )

    حديث الجمعة – الإمام المهدي (عج) ( 2 ) – 6/7/2012

    النصف من شعبان

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد والى محمد

    قال سبحان وتعالى في كتابه الكريم:

    (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)

    نبارك للرسول (ص) مولد الإمام الحجة المنتظر ولأمير لمؤمنين وفاطمة الزهراء والآئمة المصومين ونبارك للأمة الإسلامية جمعاء لا سيما مراجع الدين العظام

    مقدمة : الحديث حول المنتظر المهدي (عج) في نقاط

    الأولى : الوعد الإلهي الذي لا ينتقض وهو حتمي

    الله سبحانه وتعالى وعد في هذه الآية وفي غيرها من الآيات كما في قوله تعالى:

      (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)

    فوعد من الله سبحانه وتعالى أن تكون الخلافة في الأرض للصالحين ، وعد منه لاينتقض ولا يتغير وهو حتمي الوقوع ، وهذا الوعد ذكر في الكتب السماوية كما ذكرنا هذه الآية و في القرآن الكريم أيضا .

    أولا: الإستخلاف في الأرض

    الإستخلاف قي الأرض ماذا يعني ؟ ومن هو المستخلف ؟

    أـ قال بعض المفسرين أنها خاصة بزمن النبي (ص) أو بزمن الخلفاء الأربعة أو الثلاثة.

    فالإستخلاف الذي يكون في الأرض هو إستخلاف للنبي (ص) أو أنها خاصة بزمن الخلفاء الأربعة بعد النبي (ص) فهم المستخلفون في الأرض الذين قصدتهم الآية بل قيل أنها خاصة بالخلفاء الثلاثة بعد النبي (ص) فيكون المعنى الإستخلاف بالخلفاء بعد النبي هو ما تعنيه الآية وما ورد في الكتب السماوية من الإستخلاف في الأرض كما يقولون

    ب ـ أنها خاصة بزمن المهدي المنتظر الذي  يملأ الأرض عدلا كما نصت على ذلك آحاديث كثيرة

    والجواب على الفرض الأول : أنها خاصة بزمن النبي (ص) أوأنها خاصة بزمن الخلفاء هذا المعنى لم يستطع المتأمل في الآية نفسها أن يقبل هذا المعنى ، حيث أن الآية جاءت في سياق خاص :

    أ ـ أن سياق الآية تتحدث عن بعض الأمة وليس كل الأمة وهم المؤمنون .

    فإذا كان الإستخلاف لزمن الرسول (ص) وجميع أفراد الأمة هذه خلافتهم أو كان في زمن الخلفاء ، الأمة صارت مستخلفة وكما يقولون بأنها أستخلفت وحققت إنتصارات وفتوحات مختلفة فتكون هي المقصودة من الآية (وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا الصالحات ) نقول الآية تختلف في سياقها عن هذا المعنى وفي ألفاظها حيث أنها لم تذكر الأمة كاملة وإنما ذكرت بعض الأمة ،(وعد الله الذين أمنوا منكم ) وليس جميع الأمة. ذكرت (الإيمان) الإستخلاف في الأمة يكون شرطه الإيمان أن يكونوا مؤمنين فمن آمن بالله سبحانه وتعالى هو الذي يستخلف ،

    فلا يكون المعنى صحيح أن الخلفاء في زمانهم خلافتهم هي الخلافة التي تعنيها الآية المباركة ، لأن الأية المباركة تتحدث عن الإيمان ، تتحدث عن الصالحين ، تتحدث عن من له إرتباط بالله سبحانه وتعالى ، إيمان بالله وعمل صالح وفي ذلك الوقت كانت الإنحرافات وإرتكاب المعاصي منتشرة لم يكن المجتمع كله مؤمنا فيقال أنه أستخلف لأنه مؤمن

    ب ـ الإستخلاف كما استخلف الذين من قبلهم ولكن مع إختلاف الإيمان

     كيف يكون الإستخلاف ؟

     وهل تحقق الإستخلاف قبل مجيئ الإسلام؟

     الإستخلاف بالمعنى الذي تشير إليه الآية هل له وجود حقيقي في ذلك الزمن؟

     الجواب : أن الإستخلاف عنيّ به من جهة ، أنه كما كان هناك إستخلاف بصورة عامة ، كما كان هناك أشخاص لهم السيطرة في الأرض والتمكن من الأرض ، أنتم تمكنون من الأرض ولكن متى ؟

    في زمن الموعود الذي يكون الإستخلاف فيه بشروط وقيود تذكرهم الآية , مع الإيمان والأمن والأمان وليس إستخلاف لوحده

    ج ـ المجتمع الذي ليس فيه شرك وكله أمان لم يتحقق.

    هذا المجتمع الذي تذكره الآية ، بأوصافه الخاصة  

    (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي إرتضى لهم )

     1ـ الإيمان

    2ـ تمكين الدين من الدنيا ومن الوجود بأكمله

    3ـ الأمان

    4ـ إخلاص التوحيد والعبودية

    إيمان وأمن وأمان وليبدلنهم من بعد خوفهم آمنا ذهاب الخوف من الخارج ومن الداخل في المجتمعات الدينية والإيمانية ، في المجتمع بأكمله أن يكون مؤمنا وليس عنده خوف وليس عنده شرك ، وإنما إيمان خالص يكون  في هذه الأرض لا يشوبه إنحراف ولا نفاق ولا شرك وإنما هو إيمان خالص لله سبحانه وتعالى ، هذا لم يتحقق ، لم يتحقق في عصر من العصور يقول تعالى(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) ، أكثر الناس إيمانهم الذين فيه شرك خفي أو شرك ظاهري ، والآية تتحدث عن إيمان خالص وآمان ، إيمان ليس فيه شرك وليس فيه إنحراف وأمان مطلق ، هذا لم يكن موجودا في زمن جميع الأنبياء ، إيمان يعمّ الأرض بأكملها ، إيمان بالله ليس فيه شرك ، وآمان ليس فيه خوف من أحد لا من عدو خارجي ولا من عدو داخي لم يتحقق في زمن من الأزمان .

     إذا لا زال الإنتظار لزمن يأتي يكون فيه هذا الإيمان الحقيقي و الخالص  

    إشكال يذكرونه أيضا: الخطاب لمن في زمن النبي(ص) وليس لمن يأتي في زمن متأخر!

    نقول في زمن المهدي (س) يقولون الخطاب كان يخاطب الناس فكيف تقولون في زمن متأخر

    الجواب: الخطاب على نحوين

    1ـ خطاب أشخاص بما هم أشخاص

     بعض الأوقات تخاطب أشخاص بما هم

    2ـ تخاطب أشخاص خطاب لمن يحمل الوصف وهو يتعدى لمن تخاطب

     فأنت لا تشير إليهم وإنما بما يحملون من الأوصاف ، و الخطاب في الآية المباركة بما يحملون من الاوصاف وإلا لم يتمكن أولئك العدد الذي كان في بادئ الإسلام لم يتمكنوا من الارض بأكملها ويطبقوا الإسلام كاملا في أرجاء الأرض بأكملها ، وإنما أقصى ما يقال أنه طبق الإسلام في مكان معين ، ولم تتحقق الصفات الأخرى، إذا يبقى النظر إلى وقت يأتي يعمّ فيه العدل والإيمان والأمان في المجتمع ، وهو لم يتحقق ولن يتحقق إلا في زمن المهدي (س) 

    ثانيا:تمكين الدين الإسلامي من الأرض بأكملها.

    تمكين الدين الإسلامي من الأرض كما تبين الآية المباركة تقول :

     (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي إرتضى لهم )

    متى تمكن الدين الإسلامي من الأرض بأكملها ؟

    ماذا يعادل العالم الإسلامي بالقياس إلى الأديان الأخرى ؟

    هذه الآية تشير إلى تمكّن الدين الذي إرتضى لهم (الدين الإسلامي ) متى تمكن الدين الإسلامي من الأرض بأكملها ؟ هل حدث ذلك في زمن من الأزمان ؟

    لم يحدث ولم يتحقق بل أن المسلمين بالقياس إلى غيرهم هم جماعة قليلة بالقياس إلى الأمم الأخرى خصوصا في صدر الإسلام و في زمن الخلفاء ، واليوم العالم كثير وكبير والمجتمع الإسلامي المتناحر لا نقول العالم اليوم تمكّن فيه الدين الإسلامي ، من يستطيع أن يقول في هذا العصر الذي زاد أو إزداد عدد المسلمين أن الدين الإسلامي متمكن من الأرض ، الدين الإسلامي ليس متمكن من الأرض

    بل من يحكم المسلمين ومتسلط على المسلمين هو من يحارب المسلمين ويحارب الإسلام .

     الذي يريد أن يكون الإسلام حقيقة متحركة في وجود الناس يقتل ، يسجن ، ينفى ، ولا يبقى له وجود أو مكان في بلد الإسلام ، هذا بإضافة المجتمعات الأخرى غير الإسلامية في بلاد الإسلام والمسلمين الفجور والفواحش والخمور وغيرها من الإنحرافات ظاهرة علنا، فهل هذا هو تمكن الدين الإسلامي ؟

    طبعا ليس هذا تمكن الدين والآية المباركة تشير إلى تمكن الدين الإسلامي من الوجود الدين الإسلامي الذي ليس فيه إنحراف ، الدين الإسلامي الخالص .

    ثالثا: الأمن والأمان

     الأمن والآمان الذي يكون في الأرض ،الأمن والآمان هل كان في زمن الخلفاء هناك أمن وآمان ؟

     أم في هذا الزمن أمن وآمان ؟ وتجد الإعتداءات المستمرة على جميع الناس وبمختلف توجهاتهم ومشاركهم ومذاهبهم , ولا تقول هذا مذهب مثلا يعيش آمان أو تلك طائفة تعيش في آمان ، العالم كله في ضوضاء وفوضى وكله إعتداءات , وكم تسمع من سفك الدماء !

     أعداد خيالية ووحشية وصور وحشية لا يمكن أن يتقبلها إنسان ، فأين الأمان في المجتمع  الآمان الذي تصفه الروايات الذي يفسر الآية ويشير إلى الآية المباركة أنه لا يخاف أحد على شيئ ، تخرج المرأة من مكان إلى مكان ، تسافر تتنقل لا تخاف ، الرجل ، الضعيف ، الفقير الغني ، لا أحد يخشى من شيئ ولاإعتداء , ولا يوجد شخص محتاج أو يطلب المال ، الكل مستغنيا وليس هناك إستئثار وليس هناك ظلم ، أوصاف لا تذكر في زمن من الأزمان إلا في زمن الإمام القائم (س) , لم يطبق شيئ من هذا الأمن والأمان والسعادة في زمن مضى أبدا وليس له إلا زمن الإمام القائم (س)   

    رابعا: الإيمان الخالص وعدم الشرك بالله تعالى

    الإيمان الخالص الذي تشير إليه الآية (يعبدونني لا يشركون بي شيئا )

    المجتمع الإسلامي ، لو جئنا للمجتمع الإسلامي وتأملنا فيه فقط هل المجتمع الإسلامي يعيش حالة الإيمان الحقيقي ، هل ليس عنده شرك ظاهري أو شرك خفي ، المجتمع بصورة عامة العالمي هناك من هو مشرك ظاهرا ،هناك من يعبد النار ، وهناك من يعبد الأوثان ومن يعبد البقر وغيرها ،

    وهومشرك ظاهرا وهناك من هو مشرك باطنا يحمل في داخله الشرك ، يحمل في باطنه الشرك ، الشرك الخفي الذي يكون الإنسان ليس مرتبطا بالله حقيقتا ، ليس متوكلا على الله ، الإنسان الذي يرائي يكون مشركا ، فهل هذا منعدم في المجتمع؟

    لا ليس منعدما..

     الذين لا يؤمنون بالإسلام ويؤمنون بديانات أخرى وفيها من الشرك كما أشار القرآن إليها لا زالت موجودة ومتمكنة من جزء كبير من الأرض ، إذا الأمن والأمان والإيمان لم يتحقق ، الإيمان الخالص عند المجتمع بأكمله لم يتحقق ، ولكن في آخر الزمان (يعبدونني لا يشركون بي شيئا)  

    الثانية : عوامل تقوية العلاقة والإرتباط بالإمام المهدي:

    العلاقة بالإمام المهدي (س) من الأمور المهمة لمن يوالي أهل البيت (س) لمن يرتبط بالإمام المهدي ويعتقد بالإمام المهدي أن ينظر في علاقته بالإمام وأن يكون على الدوام في تقوية هذه العلاقة ، في طور التقوية والنظر في علاقته وإصلاح العلاقة بينه وبين الإمام .

     عوامل لتقوية العلاقة بالإمام  

    أولاـ دراسة آثار الإمام عليه السلام

    أن يدرس الشخص ويقرأ عن الإمام ، لا يكون بعيدا عن الإمام ولا يعلم شيئ إلا فقط إسم الأمام أنه الإمام المهدي المنتظر ، نحتاج كمجتمع ينتظر ويقول أو يزعم الإنتظار للإمام (س) أن نّطلع ونقرأ عن الإمام ولو شيئا يسيرا ،

    دراسة آثار الإمام لها فوائد منها :

    1ـ زيادة المعرفة وفيها :

     تزيد معرفتنا بالإمام ، نتعرف على الإمام أكثر فأكثر ، وفي زيادة المعرفة أيضا فوائد منها :

    أ ـ سلامة العقيدة وقوة الإيمان

     سلامة العقيدة لا يكون الإنسان عنده إنحراف ولا يضلّل فيما لو ادعى شخص في يوم من الأيام أنه الإمام المهدي فينجرف إليه  من غير معرفة ومن غير بصيرة ومن غير دليل , قوة الإيمان أيضا يقوي الإيمان ، لأن الإيمان هو إيمان بالله سبحانه وتعالى وإيمان بالنبي (ص) وإيمان بالآئمة وإيمان بالعقيدة بأكملها ، فمن ضمنها الإيمان بالإمام المهدي والإيمان درجات إذا زادت المعرفة زاد الإيمان وقويت العقيدة عند الإنسان    

    ب ـ والأجر والثواب.

    أيضا هناك أجر وثواب على زيادة المعرفة ، كلما قرأ الإنسان عن الإمام (س) حصل أجر وحصل ثواب على هذه المعرفة 

    2ـ الإحساس بوجود الإمام وله آثار منها

    إذا كنا نطّلع ونحاول المعرفة ، دراسة آثار الإمام تجعلنا نشعر بوجود الإمام وأن الإمام حي موجود معنا ، ولهذا الإحساس أيضا بوجود الإمام المستمر معنا آثار :

    أ ـ الشعور ببركة الإمام(ع)

    نشعر أن هذا العالم كله مرتبط بالإمام ، وكله بفضل الإمام ، بقاؤه بفضل الإمام ، مانحصل عليه من سعادة أو رخاء بفضل الإمام (س)

    ب ـ الإستقامة حيث تعرض أعمالنا على الإمام

    إذا كنا نطّلع على الإمام ونقرأ نشعر بوجود الإمام ونحس بوجوده ، يحدث عندنا أيضا إستقامة لأننا نعلم أن أعمالنا تعرض على الإمام ، فإن كان الإمام ينظر إلى أعمالنا ويشملنا لطفه فنحن إلى خير، وإذا كانت أعمالنا تغضب الإمام فنحن إلى سوء ، إذا كانت أعمالنا ترضي الإمام الإمام يدعوا لنا فنوفق وهذا من فوائد المعرفة

    ثانيا: الدعاء للإمام (عج)

     أن ندعوا الإمام باستمرار وهناك أحاديث توصي بالدعاء للإمام (س) ومن فوائده :

    أـ تقوية العلاقة بالإمام

    تقوي علاقتنا مادمنا ندعوا له من قلوبنا تتقوى العلاقة بيننا وبين الإمام

    ب ـ إستجابة الدعاء .

    من الفوائد عندما تدعوا، إذا أردت أن تدعوا لنفسك ، أردت أن تدعوا للمؤمنين ، فدعوا أولا للإمام (س) ثم ادعوا لنفسك تحصل الإستجابة ، عندما تهدي الثواب للإمام (س) ويشملك لطفه,أنت تحصل على الفائدة والإستجابة    

    ج ـ تربية النفس على نهج الإمام

    تتربى على نهج الإمام وتجعل كل شيئ في نظرك للإمام الحجة ، ومن يجعل ذلك في نفسه يكون إلى خير ويستفيد فوائد كثيرة .

    ثالثا: زيارة الإمام (ع) ومناجاته.

    العلاقة بالإمام ، كما أن زيارة النبي مستحبة ، كما أن زيارة الآئمة مستحبة ، كذلك زيارة الإمام الحجة (س) مستحبة أن يزور المؤمن إمام زمانه الذي يعتقد به ،

     وهذه لها فوائد أيضا :

    أ ـ إظاهر العلاقة بيننا وبين الإمام

    توجد العلاقة كما أن بيننا وبين الإمام الحسين (س) علاقة ، بزيارة الإمام والمدوامة والمواظبة عليها تكون هذه العلاقة وإظهار العلاقة

    ب ـ توثيق العهد في نفوسنا

     نحن مع الإمام (س) وهو إمام زماننا الذي له بيعة في أعناقنا ونحن مسؤولون عن هذه البيعة ، بزيارتنا له تتقوى العلاقة والإرتبط بالإمام ونشعر بالميثاق الذي بيننا وبين الإمام ، وبالعهد بيننا وبين الإمام  

    الثالثة : البشر تنتظر النبوات

    العالم بصورة عامة من أول ما خلق الله الأرض ينتظرون الأنبياء والنبوات تنتظر خاتم النبيين ، الأنبياء كانوا ينتظرون النبي الخاتم (ص) والنبي الخاتم يتطلع الى ظهور المهدي ويبشر بالمهدي , وأن الحق والهدف من خلق هذه الأرض سوف يتحقق بظهور الحجة (س)

    فكان النبي (ص) في أحاديثه المستمرة والدائمة يوصي ويقول : ( لو لم يبق من الدنيا ٍإلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا..)

    النبي (ص) يؤكد على هذه الحقيقة وأن الهدف من خلق ومن بعثة الأنبياء يتحقق في الدولة الخاتمة الخالدة التي بها العدل  ولا يوجد فيها ظلم ويكون في زمن القائم المهدي(س)  كما قال النبي (ص)

    ــــ قال أبو ذرّ: ( قال رسول الله (صلّى الله علّيه وآله): أتدرون ما غمّي؟ وفي أي شيء تفكيري؟ وفي أي شيء اشتياقي؟

    فقلنا: لا يا رسول الله، أخبرنا عن ذلك، فقال: أخبركم إن شاء الله.

    ثم تنفس الصعداء، وقال: هاه شوقاً إلى إخواني من بعدي! فقلت: يا رسول الله أوَ لسنا إخوانك؟ قال: لا، أنتم أصحابي، وإخواني يجيئون من بعدي، شأنهم شأن الأنبياء، قوم يفرّون من الآباء والأمّهات، ومن الأخوة والأخوات، ومن القرابات كلّهم، ابتغاء مرضاة الله، يتركون المال لله، ويذلون أنفسهم بالتواضع لله، لا يرغبون في الشّهوات وفضول الدنيا، يجتمعون في بيتٍ من بيوت الله كأنّهم غرباء، تراهم محزونين لخوف النار وحبّ الجنّة، فمن يعلم قدرهم عند الله؟ ….

    اعلم يا أبا ذرّ أن للواحد منهم أجر سبعين بدرياً….

    يا أبا ذرّ! إن الواحد منهم أكرم على الله من كل شيء خلق الله على وجه الأرض. قلوبهم إلى الله وعملهم لله….

    يا أبا ذرّ! إنّي إليهم لمشتاق، ثم غمض عينيه فبكى شوقاً. قال: اللهم احفظهم وانصرهم على من خالف عليهم، ولا تخذلهم، وأقرّ عيني بهم يوم القيامة (ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

  • الفراعنة وإرادة الله تعالى ( 2 )

    الفراعنة وإرادة الله تعالى ( 2 )

    حديث الجمعة
    18/5/2012
    الفراعنة وإرادة الله تعالى(2)
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
    قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَـهُ ءَايَـتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى* قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَـمُوسَى* فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْر مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوىً* قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً* فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى* قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَاب وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى * فَتَنَـزَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى* قَالُوا إِنْ هَذَنِ لَسَـحِرَنِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى* فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾
    صدق الله العلي العظيم
    هذه الآيات هي من المقاطع التي تبين قضية فرعون مع موسى (ع)
     أولا: دعوة موسى وآياته
    موسى جاء بدعوة وآيات مبينات ولكنه لم يلق إستجابة وإنما ووجه بالمحاربة ووجه بالضغط الشديد عليه وعلى جميع من يتبعه ، إلى أن إنتقل إلى فصل آخر هو الفصل الذي تبينه هذه الآية
    1ــ تعكس هذه الآيات مرحلة أُخرى من المواجهة بين موسى وفرعون
    مرحلة أخرى غير المرحلة الأولى التي كان موسى يدعوا فرعون ويبين له الآيات
    2ــ إلقاء الحجة الواضحة على الظالم الفرعوني.
     ويبدأ القرآن الكريم هذا الفصل بهذه الجملة: (ولقد أريناه آياتنا كلّها فكذّب وأبى)
    تبين أن موسى جاء لفرعون بآيات واضحات بينات ولكن فرعون لم يستجب لموسى دعوته
    3ـ الآيات هي المرتبطة بالمعجزات التي أراها فرعون في بداية دعوته، منها:
    الآيات الأولى في بداية الدعوة التي جاء موسى بها لفرعون وبينها لفرعون ولكنه لم يستجب، ومن هذه الآيات
    1ـ اليد البيضاء.
    2ـ محتوى دعوته السماوية الجامعة
    ومحتوى الدعوة آية عظيمة ، دعوة سماوية تشتمل على محتويات عالية وراقية من ضمن هذه المحتويات أنها بينت لفرعون:
    1ـ أصل الخلق.
    2ـ الربوبية.
    3ـ المعاد .
     (قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لّا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَى * مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى).
    هنا النبي موسى يبين لفرعون أن القضية والخلاف هو أنك تدعي الربوبية وأنت لست خالق الخلق ، الخلق لهم خالق خلقهم وهو الله سبحانه وتعالى ، ولهم رب أعطاهم الهداية ، وأيضا هو الذي يخرجهم من الأرض ويحييهم تارة أخرى ،
    هذه الآيات البينات والحجج الباهرة التي لو رجع فرعون إلى ضميره وإلى عقله ببصيرة لأبصر ، ولكنه أحب العمى على الهدى وأحب الضلال والتكبر
    هنا أولا موسى بين أن دعوته هي لإرجاع الناس إلى ربهم ، بين أنك أنت لم تكن خالقا ، لم تخلق الخلق ، ولا تستطيع التصرف وإعطاء الخلق الهداية ، ولا تستطيع إخراجهم من الأرض مرة أخرى .
    ثانيا:حجج فرعون الطاغي والمستكبر:
    ما هو المقابل من فرعون ؟ وماهي حجة فرعون ورده ودعوته ؟
    الأولى : الإنقلاب على الوطن
    (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك ياموسى)  أنت تريد إخراجنا من هذه الأرض , هذه التهمة هي التي يسوقها جميع الحكام والظلمة ، عندما يأتي مصلح يقولون تريد الإنقلاب على الوطن وعلى الشعب وعلى الأرض
     (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك ياموسى)
    1ـ البلد هي الحكومة
    في تصورهم أن البلد تساوي الحكومة ، ليس هناك بلد ، وليس هناك شعب ، الشعب هو الحكومة ، والبلد هي الحكومة ، وإذا أردت رفض الحكومة والحاكم والمتسلط فأنت ترفض البلد بأكمله
    2ـ المشاعر الوطنية
    الإخراج من الأرض لا يقبله أحد , ووفرعون يركز عليه لإثارة المشاعر الوطنية بدعوة كاذبة
    إثارة لمشاعر الوطنية حتى لا يمكن لأحد أن يقبل بأي دعوة من موسى , بتصويره أنه العدو للأرض وللوطن وأهله
    الثانية: إتهام النبي موسى بالسحر كما أتهم جميع الأنبياء
    جميع الأنبياء هذه تهمهم أيضا عندما يأتون بشيئ واضح ، يأتون بشيئ يتقبله العقلاء ويتقبله الناس يتهمونهم بأنكم سحرة ، أنتم تسحرون الناس حتى في النقاشات في بعض الإختلافات , ولو إختلاف سياسي، يقولون أنتم سحرة ، تسحرون الناس
    قال تعالى (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلاّ قالوا ساحر أو مجنون، أتواصوا به بل هم قوم طاغون).
    بطغيانهم وشرهم يصفون الأخرين بأنهم سحرة
    الثالثة :أنت ساحر ونحن أقوى
     (فلنأتينّك بسحر مثله) ولكي يظهر أكثر حزما فإنّه قال: (فاجعل بيننا وبينكم موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى).
    فرعون يطلب موعدا , طبعا في هذه القصة بالنظر لها يتضح أن فرعون في مستوى أضعف يدل على أن الدعوة كانت قبل ذلك وإستمرت طويل إلى أن صارت هذه المبارزة أو المناظرة والدعوة والإحتجاج وبيان الحجج لكل طرف ، يعني هنا يوجد تزلزل عند فرعون وتوجد قناعة عند الناس بمستوى معين ولأن فرعون عنده السحرة ، والسحرة في مصر لهم وجود كبير فتصور أنه سوف يخدع الناس بهؤلاء السحرة ، فطلب مكانا سوى
     ما هو ( المكان السوى ) ؟
    1ـ المكان الذي تكون الفاصلة بيننا وبينك متساوية
    يعني إذا كان موسى في مكان يسكن فيه ، وفرعون قصره في مكان ، يكون في الوسط ، مكان متساوي
    2ــ المكان الذي تكون الفاصلة بين الناس متساوية.
    يعني وسط المدينة حتى يستطيع الكل أن يحضر لهذه المناظرة وهذه المبارزة
    3ـ المكان الذي تكون أرضه متساوية.
    يعني ربما يكون هذا المعنى ، المكان الذي تكون الأرض متساوية بحيث يستطيع الجميع أن يشاهدوا ما يطرحه موسى وما يأتي به السحرة  
    4ـ المكان الذي يكون الجميع فيه متساوين العالي والداني
    والكل يشاهد بلا إمتياز لأحد على أحد.
    ثالثا: الدعوة الهادئة وتحدي الطاغية فرعون
    موسى يأتي بدعوة بكل إستقرار يطرح الحق ولأنه مع الحق فهو مستقر , يدعو بأمر الله ولا يخاف.
    1ـ فرعون يثير الصخب حول موسى ودعوته بالتحدي
    يتحدى ويبين أمام الناس أنه قوي وأن موسى هو الضعيف فيقول :
    (فاجعل بيننا وبينكم موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت ، مكاناً سوى )
    إجعل بيننا هذا الموعد لنبين للناس أنك على باطل , بتصور فرعون ونظامه
    2ـ الحق لا يفقد اتزانه
    موسى مع الحق , مع كل الصخب و الضجيج الإعلامي والترويج ضد موسى ، موسى يبين دعوته بكل إستقرار وبكل طمأنينة .
     والجواب حاضر مباشرة قال موسى (ع) : (قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى).
    موسى يقول يوم الزينة هو أفضل يوم ، يجمع الناس وينادون بالناس أن يحضروا ، فيحضروا يوم الزينة
    ـ (يوم الزينة) هو يوم العيد والناس على أشد استعدادهم.
    الناس كلهم متهيؤن يريدون معرفة الحق ويريدون أن يروا أن فرعون يبطل سحر موسى أو أن موسى يحمل دعوة إلهية لا يبطلها شيئ , بل هو الذي يبطل سحر فرعون
    4ــ الإتفاق والكيد لموسى (ع)
    بعد ما رأى فرعون من تأثير معجزات موسى وضع الإتّفاق المذكور , وماذا صنع ؟
    (فتولّى فرعون فجمع كيده ثمّ أتى).
    فرعون يتولى ويجمع كيده ، يجمع قوته ، يجمع المستشارين ، يجمع السحرة لينتصر  في هذا التحدي ويبطل دعوة موسى (ع) وبكل الأساليب المختلفة
    رابعا: فرعون مع أنصاره
      فرعون مع أنصاره ماذا يصنع في هذه الدعوة ؟
    1ــ الإغراءات والعطاءات
    يعطيهم الأموال ويغريهم بالمناصب ويغريهم بالتقرب ، ويعدهم بالمنزلة
    قال تعالى («قالوا ء إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم و إنكم لمن المقربين» )
    إذا وقفوا إلى صفه وهزموا موسى يجعلهم مقربين ، وهذا هو الإسلوب المتبع على مدى العصور ، الحاكم يجمع الكفاءات حوله ، يجمع العلماء حوله ، يجمع جميع ما يستطيع حوله ويجعل السيف على رقابهم ، أنت معي تعطى ، تخالفني تقتل ، هذا هو الأسلوب المتبع
    2ــ التهديد والقتل والتمثيل.
    الآيات تبين أن هناك من السحرة من كان عنده تردد أو إعتقاد ، يعني بعضهم تأثر بدعوة موسى ، لذلك بعد أن آمنوا ذكروا أنهم أجبروا ، قالوا (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )
     (وما أكرهتنا عليه من السحر) يعني يوجد إكراه ، ولكن بعد الإيمان ثبتوا فيعود التهديد لهم , يريدهم أن يتنازلوا ثم قال (آمنتم له قبل أن أذن لكم )  يتوهم أنه هو الرب , ولا يحق لأحد أن يؤمن أو يكفر بشيء من غير إذنه.
     الإنسان في إعتقاده لا يمكن أن يجبره أحد , ولكن لظلم الظالمين وضعف عقولهم يريدون أن يتدخلوا حتى في إعتقاد الآخرين ، لا تؤمنوا من غير إذن ، لا تعتقدوا بصحة قول من يتكلم من غير إذن ، يجب أن تستأذنوا مني (قال أمنتم له قبل أن آذن لكم )
    هنا إتهام ، ما هو الهدف من هذا الإتهام مباشرة ؟ الظالم حتى في هذا الزمان هذا العصر عندما يجد من أنصاره من إقتنع بالمعارضة أو بدعوة المطالبين مباشرة يتهمهم بالتواطئ وأنهم عملاء وكانوا يتخفون والآن أظهروا عملاتهم ، هنا ( قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى )
    يتصور أنه القوي الذي يستطيع إسكات الناس بإرهابه ويخضعون له ولكن (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) الذي يتوجه لله لا يفكر في هذا الوضع أو العذاب الذي يصيبه يقول عند الله أحتسبه , عند الله ما هو أعلى وأبقى بل عنده البقاء الأبدي .
      خامسا:عدد السحرة :
    عدد السحرة قيل إثان وسبعون ساحر ,وقيل أربعة مائة ساحر أو أكثر , عددهم كبير , ولهم تأثير على الناس
    سادسا: المنازلة:
    موسى يتوجّه إلى السّحرة،والفراعنة وقال (قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب وقد خاب من إفترى).
    موسى يبين للفراعنة وللسحرة, لفرعون وأتباعه والسحرة وينهاهم ويحذرهم أن لا تفتروا على الله كذبا
     ما هو الإفتراء ؟
    1ـ بدعوة الإلوهية لفرعون.
    هذا إفتراء على الله ، أن فرعون هو الإله وأنه هو الرب والمتصرف بوجود الناس
    2 ـ بإتهام موسى ودعوته ومعجزاته بالسحر.
    عندما إتهموا موسى بالسحر , فهذا أيضا إفتراء على الله لأنهم يعلمون أن هذا ليس سحرا وأنه من عند الله , فهم يكذبون الله بعد ذلك مع علمهم
    سابعا: كلام القلب يجد له طريقا
     النبي موسى يتكلم ، كلام الأنبياء يخرج من القلب صادقا عندما قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من إفترى
    في هذه اللحظات التي يبين موسى أن هذه الإفتراءات سوف تمحوا وجودكم ، سوف توجب هلاككم ، كلام يخرج من القلب ، السامع يجد أن النبي صادق وليس كلام ساحر فهنا يتأثرون
     (فتنازعوا أمرهم بينهم وأسرّوا النجوى).
    يوجد تأثر من كلام موسى فتنازعوا ، قال بعضهم أنه على حق يتحدث بالصدق فتأثروا
    ثامنا:فرعون وأنصاره يمسكون بالمشهد ويحركون السحرة
    هنا مباشرة فرعون يتحرك ليمسك الموقف حتى لا ينقلب السحرة , وبدل أن يكونوا أعوانا لفرعون يكونون أنصارا لموسى ، ماذا يقول لهم ؟
    (قالوا إن هذان لساحران)
    قال لهم فرعون إن هذان ساحران موسى وهارون سحران جاءا ليسحراكم ويضللا الناس ، واجهوهما بالسحر  
    (يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما) يريدان تفريغ مصر بهذا السحر من أهلها, يريدان إخراج الناس من أرضهم .
    هنا إفتراء من فرعون وكذب وإشاعة وإثارة للروح الوطنية عند الناس لكي يثبتوا مع فرعون ولا يقفوا مع موسى
    3ـ تأجيج الروح الطائفية (ويذهبا بطريقتكم المثلى).
    فرعون يقول للسحرة الذين توقفوا وتنازعوا أن موسى يريد أن يذهب بطريقتكم المثلى , وكلام فرعون هذا طبعا مما يوجب السخرية وهو إستخفاف بعقول الناس , وهذا هو الموجود في كل العصور تجد أنصار الظالم وأنصار الطاغية عندما يأتي أناس يطالبون بحقوقهم ويريدون للناس الخير أولئك يقولون  هؤلاء المطالبون يريدون أن يذهبوا بطريقتكم المثلى .
    العبودية في نظر هؤلاء هي الطريقة المثلى ، الطريقة المثلى هي الذل و الإذلال المستمر الذي لا يرضاه عاقل ولكن الظالم والطاغية يستهزئ بالناس دائما ويصور لهم العذاب الذي يعيشون فيه أنه هو الطريقة المثلى والطريقة الصحيحة التي هي أفضل ما يناسب الناس فليس من الصحيح المطالبة بتغييرها والإعتراض عليها (ويذهبا بطريقتهم المثلى)
    4ـ لا تترددوا وأنتم تعلمون بأهدافهم وأجندتهم
    (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾
    يحرضهم على المواجهة , ليواجهوا موسى بالسحر والحزم والتعالي المصطنع.
      تاسعا: الهدف من جلب بني إسرائيل إلى مصر
    فرعون يصر على جلب بني إسرائيل إلى مصر ، جلبهم إلى مصر وأصر على وجودهم في مصر لماذا ؟
    لهدفين:
    1ـ الإستعباد.
    يستفيد منهم كعبيد ويقنعهم بهذه الطريقة المثلى ,عبيد كما هو الحال في التجنيس في كل الدول التي تجلب المرتزقة , تجنسهم ليكونوا عبيدا تحت السمع الطاعة  
    2ـ كي لا يشكلوا قوة في وجه الفراعنة.
    يشبه هذه القضية وضع العالم اليوم ، العالم اليوم كذلك عندما يجنسون ويجلبون وعندما ينقلون قضاياهم من محل إلى محل آخر لماذا ؟ الدولة الفلانية تدعم الحركة في الدولة الفلاني كثيرا من الأوقات أهدافهم وهي السائدة في العالم ، أهدافهم أن يخرجوا الحراك والمطالبة من بلدهم إلى بلد آخر يركز لهم على الطائفية ويبث الطائفية في نفوسهم لينشغلوا بالآخرين عن مطالبهم الوطنية , ويصيرون ضعاف في بلدهم , وينشغلوا عن حقوقهم
     عاشرا: قتل الذكور له هدفان:
    1ـ الخوف من ولادة موسى.
    فصار يقتل الذكور لكي لا يولد موسى ، النبي لأنه علم أن موسى هو من سوف يزيل ملكه
    2ـ لإضعاف بني إسرائيل.
    كما في النقطة السابقة حتى يبقوا ضعافا وتحت سيطرته ، وطبعا  هذا الذي يعمل هكذا يدل على ضعف في عقله , لأنه إن كان يؤمن بهذا الخبر  فهو لا بد أن يزول حكمه لا محال, يعني إذا أخبروا وبشروا في هذا العصر ، سوف يأتي مصلح ويزيل الملك فإن كان هذا الخبر صحيح فلن يقف أمامه وسوف يزيل الملك , وإن كان هذا الخبر باطلا  فلا يحتاج لمواجهة , ولكن الظالم والطاغية يصرعلى  المواجهة وإستئصال الذكور حتى لا يولد موسى ، ثم تأتي إرادة الله ويولد موسى ويتربى في بيت فرعون ويزيل ملكه
    أحد عشر: إرادة الله وإرادة الفراعنة وما النصر إلا من عند الله
    الفراعنة يريدون شيئا ولكن الله سبحانه وتعالى هو الغالب على  أمره ،هو الذي يرتب الأمور وهو يأتي الملك لمن يشاء والنصر يأتي من عنده فقط وإلا فإن فرعون مع كل إحتياطاته لا يستطيع من ولادة موسى , بل ويتربى في بيته ثم بعد ذلك تأتي المبارزة ، المبارزة ويكون الموعد يوم الزينة ، بتصوره أنه يبطل دعوة موسى ويفضح موسى في ما يّدعي ،ولكن تكون الفضيحة له فيعمل على خلاف مايريد من نتائج , و يتحقق غير ما يريد ، والظالمون كذلك ، الآن في هذا الوقت أيضا كذلك
    الثاني عشر: الظالم يستجدي الذل وهذا واقعنا
    واقع حدث وتحدث عنه القرآن الكريم , فرعون  يظلم ويعتدي ثم يتوسل بما يوجب ذله توسل بالسحرة فأذله الله سبحانه وتعالى, وكذلك واقعنا , ظلم وتعدي على الناس وتعدي على المقدسات , ووعيد من الله جل شأنه حيث يقول:
    )وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (هذه الآية تبين كما بينت الآيات في قضية موسى وفرعون ، الظالم يريد ويتجبر ويتكبر ولكن إذا توعد الله أن يذله فالنتيجة أنه لا بد أن يذل هذا وعيد من الله , الذي إعتدى على المساجد ، الذي دمر المساجد حاول منع بيوت الله أن يذكر فيها إسمه يهيئ الله له طريقا أن يذل نفسه , ونحن اليوم نرى مايطرح من إتحاد بين البحرين والسعودية هو الذل بعينه ,لا تتصوروا أن هذا عزّ لهم ، فالذي كان يتصور أنه ملك ويتصرف ويأمر الآن يجد نفسه عمليا أميرا صغيرا يخضع لأوامرهم  ويكون ذليلا فإن تححقق الإتحاد وصل إلى قمة الذل والإهانة يعني هناك إذلال يهيئ الظالم نفسه لهذا الإذلال الذي لا بد أن يتحقق
     موضوع البلد
    1ـ التصعيد الممنهج المستمر
    هذا التصعيد قد يأخذ البلد إلى منعطفات خطيرة يجعل إحتواءها أمرا مستبعدا كما عبرت الجمعيات السياسية , الحكومة تصعد وتصعد، ورأينا الإصابات الكثيرة بالشوزن ,والخطيرة وفي مناطق متعددة من البحرين هذا التصعيد ربما يجر البلد إلى جهة لا يمكن الرجوع أو إلى طريق لا يمكن التراجع و الرجوع عنه وهذا أمر خطير يوجب القلق على الناس ويوجب القلق على إستقرار هذا البلد
    2ـ نناشد العالم أن يقوم بوظيفته
    خصوصا المنظمات الحقوقية في العالم التي تسمع وتقرأ وترى الصور والإنتهاكات عليها أن تأخذ مسؤلينها وتتحمل المسؤلية التي إدعت تحملها فليس هذا البلد دون غيره
    هنا الإعتداءات والقتل البطيئ والإصابات الكثيرة والمتتالية والمستمرة ، يجب أن يوقف ويجب أن تعالج المشاكل السياسية , بالحوار وليس بالقمع الأمني والقبضة البليسية.
    3ـ طلب الإتحاد بين بلد وآخر من غير إرادة أهله .
    يدعون حرصهم على مصلحة الشعوب , يدعون اصرارهم على كرامة الشعوب , يدعون التفاني من أجل حرية الشعب ومستقبله!
    أين مصلحة الشعب في هذا الإتحاد؟!
    أين كرامة الشعب الذي لا ترون أهليته ليختار مصيره؟!
    أين حرية الشعب في إلغائه من أهم ما يرتبط بمصير ومستقبله؟!
    هل شعب البحرين أقل من غيره كي لا يعطى حق الإختيار؟!
    هل المسيرات التي تندد وتشجب هذه الخطوات جائت من الخارج وليست من هذا الوطن العزيز؟!
    هل المصلحة في الإتحاد تخص البحرين وتستثني قطر والكويت مثلا؟!
    الشعب قال كلمته وكل إتحاد مع أي كان يساوي عدمه مادام يفتقد لرأي الشعب العزيز.
    4ـ مسيرة لبيك يا وطني
     نهيب بالشعب الأبي الحر المشاركة في مسيرة “لبيك ياوطني ليتطلع العالم وينظر بعين واعية كم هي ظلامة هذا الشعب , فهو يرفض هذه المشاريع التي ليس لها هدف غير القضاء على مطالب الشعب وإلغائه كشعب أبي حر مطالب..
    والحمد لله رب العالمين