تفسير سورة النور الآية (19ـ20) الحلقة :13


تفسير سورة النور

الآية (19ـ20)

الحلقة :13  

8/8/2012

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَـحِشَةُ فِى الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَتَعْلَمُونَ(19) وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ(20)﴾

صدق الله العلي العظيم

أولا: (آثار إشاعة الفاحشة):

تتممة لما مر من آثار إشاعة الفاحشة في المجتمع.

1ـ التضليل وتلبيس الحق بالباطل.

عندما تشاع الفاحشة في المجتمع يتلبس الحق بالباطل ، لا يُعرف المذنب والذي يقترف الفاحشة مِن الذي لا يقترف يكون الناس سواسية في هذا الأمر ، فيتهم البريئ ، والمذنب لا توضع عليه الإشارة ، يعني يختلط الأمر بين المذنبين وبين غيرهم ، وهذه مصيبة كبيرة في المجتمع ، لا تستطيع أن تتعامل مع أحد بثقة وارتياح لأنه محتمل أن يكون هو من إرتكب الفاحشة ، وتصقط مصداقية المؤمنين بالكذب عليهم ورميهم بالسوء.

2ـ قطع الطريق عن التراجع والتصحيح.

 إذا كان شخص إرتكب الفاحشة وأشيع عنه أنه إرتكب وفي كل مجلس مثلا تحدث عنه ، أشيع عنه ، إنشهر بين الناس أنه فلان إرتكب الفاحشة هنا يصعب عليه التراجع في صور معينة ، وفي صور أخرى لا بد أن يشّهر به ليكون عبرة ، ولكن إذا إرتكب  شخص الفاحشة أو إرتكب المخالفة ولم يعلم به أحد ، لم ينتشر فلا ينبغي بل لا يجوز أن يتحدث عنه أحد.

3ـ الترويج للفاحشة.

إشاعة هو ترويج لها وجعلها مقبولة مع الوقت , فلن يستبشعها المجتمع وهي تُتداول في المجالس وتتكرر في الألسن بسهولة.

ثانيا: الرد على القذف والموقف من القاذف

ما هو الموقف من القاذف ؟ إذا علمت أن شخص تكلم علي مثلا وأشاع عني فاحشة وإتهمني بإرتكاب الفاحشة ما هو الموقف من هذا؟

1ـ الرد بالقذف والتهمة.

 يحرم الرد على التهمة القذف بالتهمة والقذف ، لا تستطيع أن تتهمه كما إتهمك فلا تقل: ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى علَيْكُم)  فليس ليس هذا مجالها هنا بالنسبة للقذف لا يجوز أبدا أن تتهم أحد .

 هو أخطأ هو تكلم عنك لا يجوز لك أن تتكلم عليه بمثل ما تكلم عليك في هذا المجال.

2ـ المطالبة بالحد.

وهذا حق للمقذوف أن يطالب بالحد ، بإقامة الحد على القاذف وأن يُجلد القاذف لأنه إتهمني فلي الحق شرعا أن أبرء نفسي وأن أبين للناس أنني بريئ وأن يُقام عليه الحد ويُجلد لأنه تكلم بالباطل في أعراض الناس.

ــ المطالبة بالحد

أ ـ المطالبة عند القاضي جائزة وهو حق

أن يطلب من القاضي ، يذهب للقضاي ويشتكي ويطلب حقه ، يذهب للإمام العادل المسؤول عن هذا الأمر ويطالب بالحد ، والقضاي يعمل بما يفرضه عليه الشرع.

ب ـ إقامة الحد بنفسه غير جائزة.

يعني مثلا لو أن شخص إتهمني ، في الطريق استطعت امساكه أو في أي مكان , هل لي الحق أن أقيم عليه الحد أجلده ؟

 لا ، ليس لي ذلك ، فلا يجوز أن يقيم أحد الحد بنفسه وإنما يرفع أمره للقضاء ، والقاضي يحكم في ذلك.

3ـ العفو أفضل في الحق الشخصي

أن يعفو الشخص أفضل، لذلك عبرت الآيات التي تأتي بعد ذلك (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) أن يعفوا الشخص أفضل .

 ـــ لا ينجو القاذف من العقاب إلا بأمرين:

أ ـ العفو والصفح من المقذوف

ب ـ أن يقام عليه الحد الشرعي كما فرضه الله تعالى.

 فمن غير عفو ولا حد يبقى تحت وعيد الله تعالى في الدنيا والآخرة للعذاب الأليم.

ثالثا: فوائد الستر على الناس

 ستر الفاحشة لها فوائد كثيرة منها:

1ـ الستر على النفس :

روي أنّ رجلاً جاء لأمير المؤمنين (س) وطلب منه أن يطهّره من زنا قد ارتكبه، فقال الإمام(ع) : ( أيعجز أحدكم اذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر الله عليه ).الله ستر عليك إستر على نفسك ، هذا بالنسبة إلى الشخص نفسه ، فإذا ستر على نفسه فإن الله يستر عليه ،

كما في الحديث يقول ، عن الإمام علي بن موسى الرضا(ع) قال: (المذيع بالسيئة مخذول والمستتر بالسيئة مغفور له) مع أنه إرتكب ، هو إرتكب ولكنه إن ستر على نفسه يغفر الله له لأنه ستر على نفسه   

2ـ المغفرة :

أ ـ في الدنيا:  عن الإمام علي بن موسى الرضا(ع) قال: (المذيع بالسيئة مخذول والمستتر بالسيئة مغفور له) الذي يستتر بالسيئة سواء عن نفسه أو عن غيره فهو مغفور له ، يستر عليه ويغفر له

ب ـ في الآخرة :عن الكاظم (ع) قال🙁ياهشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته يوم القيامة)  العثرات والأخطاء التي إرتكبها  اليوم يوم القيامة يتخلص منها بستره على الناس.

رابعا: تكررت الآية مرات

(وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)

هذه الآية تكررت كثير وسنرى أنها تتكرر في  الآتي ، لماذا هذا التكرار والتركيز عليها في كل ما يذكر من عقوبه نجد أن الله يقول(ولولا فضل الله عليكم ورحمته ) يذكر الفضل والرحمة؟

1ـ لتبين إمتنان الله ورحمته بالمؤمنين.

جاءت لتبين أن الله يمتن عليكم بفضله ، بما أنعم عليكم ، وبما شرع لكم من خير ، لتطيعوه وتشكروه.

2ـ تبين أن التشريع والأحكام إنما هو من أجل المؤمنين

لا تقل أن هذه أحكام قاسية ، إنما هي من أجلك ومن أجل مصلحة المؤمنين ، هذه الأحكام وإن تراها قاسية ولكنها إنما جاءت لتخدم المؤمنين وتحفظ المؤمنين فهي لهم وليست لله تعالى .

 تقول تعاقبني وتمتن ! يعاقب ويمتن لأنه يربي ويمتن ، كما أن الشخص الذي يربي أطفاله أولاده يجعل لهم برامج ، يجعل لهم بعض الأمورعقوبة ، إذا خالفوا يمرنهم على شيئ ، ويكون هذا التمرين والتربية إمتنان من المربي .

 الله سبحانه وتعالى أيضا يمتن لأنه وضع لنا هذه الأحكام التي هي من أجلنا ومن أجل مصلحتنا

3ـ لتبين أنه لولا رحمة الله لكان العذاب قد وقع عليكم  

بعد هذه الشائعات وإشاعة الفاحشة ووجود الفاحشة لولا رحمة الله لوقع العذاب على الناس فالله سبحانه وتعالى هو الذي صون المجتمع ويحفظ المجتمع ويبين المنافقين الذين يشيعون الفاحشة لينجوا المجتمع من إشاعاتهم ومن الإضرارهم.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

شاهد أيضاً

تفسير سورة النور – الحلقة 16

تفسيرسورة النور الحلقة16 الآية (23ـ25) أعوذبالله من الشيطان الرجيم بسمالله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *