تفسير سورة الحجر الحلقة 47

لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90  الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)

هذه الايات هي بيان لمنهج الصفح الجميل الذي ذكرته الايت السابقه فما هو الصفح الجميل و كيف يكون اعطت هذه الايات قاعده في ذلك ،

اولا : المعاني

لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ قال بعض المفسرين هو إطالة النظر و إدامة النظر الى الغير و الى ما عند الناس يعني الشخص يعني الشخص الذي يركز على الامور مثلا يقولون النظرة الاولى نظر فهذه نظرة غير متفحصه غير مدققه غير فاحصه عابرة فهذا طبيعي النظرة التي النظرة التي تكون فيها تركيز ، وإستمرار هي النظرة التي تنهى عنها الاية كما يقولون ، و لكن الاظهر ان الاية تقول لا تنظر ، و لا تتجاوز بنظرك عن ما اعطيناك فهو نهي عن اصل النظر و هو كناية عن التعلق يعني لا تنظر الى ما عند الاخرين من الكافرين او غيرهم من متع الدنيا و عندهم من نعيم الدنيا إذاً بمعنى لا تتعلق بما عن الناس لا تنظر بمعنى لا تتعلق لا تجعل قلبك متوجه ، و ليس النظر بالعين لا تتوجه ، و لا تتعلق بقلبك لما عند الناس ن

ما في ايديهم من امتعت الحياة كالمال ، و الشوكة و السيط ، و مالهم من القدرات لا تنظر الى هذه الامور انت مرتبط بالله سبحانه وتعالى و هذا يكفي ان تكون في هذا الجانب اعطينام سبعا من المثاني و القران العظيم هذه النعم العظيمه فلا تنظر لغيرها من ما في ايدي الناس ،

أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ما هو المراد من الازواج

قيل المراد منه الازواج من الرجال و النساء لا تنظر لما عن الناس لما عن النساء و ما عن الرجال ماذا عندهم وماذا يملكون لا تنظر اليهم ، و قيل الاصناف من الناس كالوثنيين و اليهود و النصارى ، و المجوس بمعنى لا تنظر لما عند الناس مطلقا ما هي اصنافهم و ازواجهم و انواعهم لا تنظر اليهم ، و لما عندهم و يقول الله تعالى وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ  (1)  انظر لما عند الله ولا تجعل قلبك متوجه و متعلق بما في ايدي الناس

وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اي لا تحزن لعدم هدياتهم او لا تحزن لما في ايدهم هناك رأي يقول و هو السيد الطباطبائي لا تحزن على لعدم هدايتهم انت قمت بما عليك فلا تحزن الرأي الاخر يقول لا تحزن على ما في ايديهم عندما ترى المشركين عندهم ثروة ، و اموال لا تجعل فقدك للثروة يجعلك حزين ،

وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ

هي كناية عن التواضع

كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ

المقتسمين هم الذين جعلوا لقران عضين اي بمعنى اعضاء مقسمه قسموا القران الى اجزاء .

ثانيا : اربع فوائد من  الامر و النهي في هذه الايات

 

  • قصر النظر و القناعه الاية تبين ان الانسان المؤمن يجب عليه ان يكون قنوعاً يقصر نظره على ماعنده ، و على ما هو افضل لانها ذكر الايت المثاني ، و القران العظيم اقصر نظرك على هذا ، و على ما تمتلك من الثروة عندك اموال او ليست عندك اقتصر على هذا وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ فَمِتعُ الحياةِ الدنيا زائله لا تنظر اليها لانها تنتهي عندك شيء دائم ، وهو المعارف ، وهو القران الكريم الذي يبقى لك خالدا يوم القيامه فلا تنظر الى هذه الامور الزائلة تكفر في ان الحياة الدنيا ، و متاع الحياة الدنيا كله مشوب بالغصص ، و النقص اي لذة للحياة ام لم تكن للاخرة ومرتبطة بالاخرة فهي منقطعه ومنتهية و ليست دائمة كلها غصص ثم اجعل ما تنظر اليه من متع الحياة الدنيا بالنظر لما انعم الله عليك يعني انظر الى هدايتك انظر الى صحتك كما ان هناك حديث مضمونه ان شخص ياتي للامام و يقول له اني فقير الامام يقول له انت غني انت غني بولايتنا انت غني بالهداية و هذا هو الغى الحقيقي الذي يجعلك دائما خالد يوم القيامه و ليس ما تملك من الاموال الزائلة
  • وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ اي لا تحزن لفقد النعم المادية إذا فقدت شيء من المادة صار وضعت ظعيف لا تحزن لا تتعلق بذلك كما يقول تعالى  وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  (2)  لا تجعل عينك ناظرة لزينة الحياة الدنيا و إنما انظر للاخرة  و كما في الحديث النبوي الشريف من رمى ببصرة ما في ايدي غيره كثر همه و لم يشفى غيظه الذي ينظر ببصره الى ما عند الاخرين يعيش الهم و لا يستفيد و لا يحصل على ما يريد ،  او لا تحون على ضلالتهم و هذه ايضا و لا تحزن على ضلالتهم فقد قمت بما يجب عليك اديت الوظيفه الواجبه عليك فكما كان الخطاب للنبي صل الله عليه و اله إذا ادى وظيفته القران يقول له لا تحزن عليهم انت لايضا اعمل بوظيفتك وقم بواجبك و ليس عليك هداهم كما في قوله تعالى  فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ  (3)                                      و قوله تعالى فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (4) لا تهلك نفسك عليهم
  • التواضع من الصفح الجميل هذه القواعد منها التواضع تواضع القائد النبي صل الله عليه و اله هو القائد القران يقول و يخاطب النبي صل الله عليه واله و خطابه للنبي و لغيره ايضا وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ القائد يجب ان يكون متواضع لا بد من إظهار التواضع للؤمنين المؤمنين مع بعضهم بعض لا بد ان يكونوا متواضعين لا تتكبر على مؤمن قالا مير المؤمين سلام الله عليه في رسالته لمحمد ابن ابي بكر حين  ارسله والي من طرفه   فاخفض لهم جناحك و الن لهم جانيك  و ابسط لهم وجهك اجعلهم ينظرون اليك بشوش مريح و متواضع واسي بينهم بالحظة و النظرة هذا قاعدة للتعامل في الحياة مع الاخرين اجعل نظرك لهذاو لهذا متسواي لا تركز على هذا و تترك هذا يقال مثلا انه العدل في العلاقة الزوجيه حتى مع الاولاد حتى مع المجتمع مع الاصداء اجعل نظرك للجميع عدم التواضع الذي قد يظهر نوع من الانكسار ربما الاية ايضا تشير الى طرف ثاني وهو انه تواضع و اخفض جناحك للؤمنين و ليس للكافرين يعني فلتكن في نظر من ينظر اليك من الكافرين انك بعزة و كرامه و قوةو في جهة المؤمنين كن متواضع .
  • اهمية الانذار من عقاب الله تعالى َقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ فليس الصفح ان يسكت و لا ينذر فليس الصفح الجميل ان يترك الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و انما يبين و ينذر النبي صل الله عليه و اله هذه وظيفته مع لين جانبه مع اخلاقه مع تواضعه إلا انه يبين  إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ و اني اتيكم بهذا الحديث و فيه كذا و فيه عقاب و فيه بلاء

مَا أَنزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ من هم المقتسمون ؟ هم على ما ورد قوم من كفار قريش  وردت عدة روايات ، و اراء تبين ذلك رأي يقول قوم ن كفار قريش جزؤا القران اجزاء

 قالوا سحر و قال قسم اخر اساطير الاولين قصص خياليه و قال  اخرون هو افتراء و تفرقوا في مداخل طريق مكه ايام الموسم يصدون الناس كان القران يتحدث عن هؤلاء المشركين الذين اجتمعوا وقسموا القران جمعوا ايات تتحدث عن كذا قالوا اساطير جمعوا ايات قالوا افتراء و هكذا وتقسموا في مداخل مكه فاذا جاء الناس كانوا يصدونهم لان كان  النبي صل الله عليه واله في مكه كان يستقبل اهل المدينه و يلتقي بهم سراً و يدعوهم لدينه .

و قيل المراد بالمقتسمين اليهود و النصارى الذين فرقوا القران اجزاء و ابعاضاً و قالوا نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ  (5)  رأي يقول انهم اليهود و النصارى و ايضا قسموا القران جاؤا للقران قالوا ناخذ فقط هذه الايات التي تخدمنا الايات التي تؤيدنا ما نقول ويؤخذونها ،و الايات التي تخالفهم لا يلتفتون اليها ،

و قيل اليهود و النصرى و لكن ليس تقسيما للقران وانما سموا مقتسمين لانهم اقتسموا انبياء الله و كتبه المنزله اليهم فامنوا ببعض و كفروا ببعض النتيجة ان الانسان الذي يريد ان يقتدي بالرسول صل الله عليه و اله بمعنى الصفح الجميل هو ان ياتي بوظيفته الشرعية لا ينظر للمادة و لا ينظر للدنيا لا يمد عينه على ما انعم الله به على الاخرين سواء كانوا مؤمنين او كانوا كافرين فإذا كانوا كافرين فهذا اوضح ، و أولى و لا ينظر لما عند الناس من المؤمنين ايضا لان النظر الى الاخرين يجعله شيئاً فشيئاً يكون حسودا يحرك فيه الغبطه ثم يحرك فيه الحسد فعليه الابتعاد عن ذلك التواضع ان يكون متواضعاً مع الناس في تعامله دائما هذه هي الطريقه الصحيحه في التعامل مع الاخرين مع المؤمنين ان يكون متواضعاً مع الكافرين ان يكون عزيزا لا يكون خاضعا مع الكافرين ، ومع المعتدين مع المتكبرين و ان يعمل بوظيفته الشرعيه ما هي الوظيفه الشرعيه ؟ عندي امور اعمل بوظيفتي ولا اخشى الا الله .

 

الهوامش

  • سورة طه الاية 131
  • سورة الكهف الاية 28
  • سورة فاطر الاية 8
  • سورة الكهف الاية 6

سورة النساء الاية 150

شاهد أيضاً

تفسير سورة الحجر الحلقة 45

بسم الله ارحمن الرحيم وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَإِنَّ السَّاعَةَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *