تفسير سورة الحجر الحلقة 45

بسم الله ارحمن الرحيم

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ

الاية كما مر تذكر بهادفية الخلق ان الخلق لم يخلق عبثاً ، و لا باطلاً ، وانما هناك غاية من الخلق ، ايضا حضور الاخرة عند الانسان يصقل ايمانه يجعله مؤمنا ايماناً حقيقيا إيمانا يحجزة عن المعاصي الاية تريبنا ايضا على حسن التعامل ، و الاخلاق

تحدثنا عن الامر الاول الهادفيه و الان نتحدث عن الاثنين ،

اولا :  الطاعة و المعصية و الايمان بالاخرة ،

ما هي علاقة الطاعة ، و المعصية ، و الايمان بالاخرة هل هناك علاقة  ام لا ؟ هل الايمان بالله سبحانه وتعالى يكفي ام انه لا بد من الايمان بالاخرة .

  • العذاب و عدم الايمان  وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا  (1)   الذي لا يؤمن بالاخرة هيئ له عذاب اليم عدم الايمان بالاخرة ليس هو عدم العلم بالاخرة وإنما هو انكار الاخرة يعني الشخص متى يسمى غير مؤمن إذا عرض عليه و لم يقبل متى يسمى كافر إذا عرض عليه و لم يقبل بُينت له الادله ، و البراهين ولكنه اصر على  العمى هنا يسمى كافر ، و هو الذي توعده الله سبحانه وتعالى بالعذاب الاليم

 

  • عدم الايمان بالاخرة سبب المعصية الايات تبين ان عدم الايمان بالاخرة هو سبب المعصية ، و ليس عدم الايمان بالله سبحانه وتعالى فقد يكون الشخص يؤمن بخالق للكون يؤمن بمبدأ للكون لكن عنده خلل في الاخرة فهنا هذا لا يحجزه ايمانه عن المعصية الذي يحجز الانسان عن المعصية الانسان العادي الذي يطيع الله سبحانه و تعالى برجاء الثواب و خوف من العقاب هو الذي يؤمن بالاخرة لذلك ايات كثيرة تتحدث في هذا المجال منها

إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ  * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (2)

الذين لا يؤمنون بالاخرة لانهم لا يؤمنون بالاخرة زينت لهما الاعمال ارتبطوا بهذه الدنيا النتيجة لايؤمن بشيء كبير في الاخرة يمظر للشيء الذي هو جنبه القريب و يسعى لنيله

 

و يقول تعالى وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ  (3) منحرفون عن صراط الحق لماذا هذا الانحراف ؟ لانهم لا يؤمنون بالاخرة

 و يقول تعالى إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ  (4)   يستكبر و ينكر لانه لايؤمن بالاخرة اما لو كان يؤمن بالاخرة لانتهى كل شيء لكان سوياً في اموره  لانه يحسب للعاقبة التي يترقبها

و يقول تعالى لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  (5)  مثل السوء للذين لايؤمنون بالاخرة

 و يقول تعالى  وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ  (6)  الذين لا يؤمون بالاخرة لا يريدون ان يسمعوا شيء عن الله سبحانه وتعالى رسالة من الله سبحانه و تعالى تعليمات احكام شرعية التزام وهو لا يؤمن بالنتيجة و العاقبة التي سوف يوؤل اليها هذا لايقبل و يجد حلاوة الذكر لله سبحانه و تعالى .

 

  • الايمان بالاخرة ضمانة الطاعة ، هذه ايات تتحدث انه الذي لا يؤمن يكون منحرف الذي يؤمن بالاخرة يكون ملتزم

يقول تعالى  أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ  (7)

 الذي و عدناه وعدا حسناُ يعني وعدناه بالاخرة و تقبل الوعد بخلاف الذي ارتبط بالدنيا و ترك وعد الاخرة سلوك هذا يختلف عن سلوك ذاك

و يقول تعالى   فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا  (8)

  هذه اوصاف من يؤمن بالاخرة من كان يرجوا لقاء الله سبحانه وتعالى هو الذي يعمل الصالحات و لا يشرك بربه احدا .

 

و يقول تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ  (9)

ما داموا  يؤمنون بالاخرة فانهم سوف يعملون للاخرة العمل الصالح ويكونون في امان

و يقول تعالى ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ  (10)

لا بد ان يكون الايمان بالايوم الاخر هذا يوعظ يتقبل الموعظة تنفع فيه الموعظة ، و الذي لا يؤمن لا تنفعه .

 

و يقول تعالى وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ  (11)

يحافظ على الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر لماذا يحافظ لان هناك اخرة وهو يؤمن بالاخرة ، الايمان بالاخرة ، و استحضار الاخرة سبب للاصطفاء و الرقي و بلوغ الدرجات العاليه

 

و يقول تعالى وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ   (12) لانهم صاروا يتذكرون صار حضور الاخرة عندهم دائما وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ  (13)

  كيف يكونون من المصطفين الاخيار لانهم يتذكرون الله سبحانه و تعالى يستحضرون الاخرة و العاقبة التي سوف يصلون اليها .

ثانيا : الصَّفْحَ الْجَمِيلَ

الاية تقول وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ  هذه الساعه فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ إصفح الصفح الجميل ( الصفح الجميل )

  • ترك اللوم ذكرنا قبلاً ان الصفح هو الاعراض بالوجه عن الشخص ولكن ليس اي إعراض الاية تقول هنا تتحدث عن التعامل مع الكافرين تقول انت تتعامل مع كافر إذا لم يستجب اصر على ما هو عليه مثلا  ابتعد عنه و لكن ليس الابتعاد الاحتقار و لكن الابتعاد بجمال مريح ابتعاد فيه اخلاق فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ  (14)

الصفح الجميل هو ترك التثريب و هو ابلغ من العفو و اعلا من العفو يعني تعفو عنه و تصفح عنه بجمال

قال تعالى فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ  (15)

 فاعلوا و اصفحوا الصفح درجة اكبر من العفو نفسه و في الرواية في تفسير علي عليه السلام الصفح بالعفو من عتاب يعني تصفح عنه لكن لا تعتب عليه تتخلى عنه  تبتعد عنه  تتركه لكن من غير ان تلوم وتبين له انت خطات و هكذا .

  • لا تبقي في نفسك شيء تصفح عن الشخص لا تبقي في نفسك عليه هنا في هذا الموضع انه الكافر الذي لم يستجيب لا تحمل في نفسك و لا تجعل نفسك حزيناً عليه ولا مبغضاً له و انما بغضك لعمله و هو يرجع الى ربه في الاخرة .

ثالثا : فوائد من الاية

  • اجعل الحق مقياساً لكل عمل تعمله  الله سبحانه وتعالى خلق الخلق بالحق  فاجعل فعلك دائما موافق للحق لا فيه مخالفة شرعية و لا فيه انحراف عن الفطرة السليمه هكذا تكون يجب ان تكون الافعال للحق يعني لغاية ايضا ان تكون ناظرة لغاية ليست عبث ومن غير غاية
  • اجعل عينك على الاخرة تفوز  وَإِنَّ السَّاعَةَ َآتِيَةٌ لا تغفل عن الاخرة فتتفاجئ بها هذه الايات تنبهنا لا تغفلوا لا تتفاجؤا بالاخرة الانسان لا يضمن نفسه متى ياتي اجله اعلم بدرجة من يستحضر الاخرة كما ذكرنا الاية و هي

وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * ما هي هذه المنزله وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ  

لانهم يستحضرون الاخرة

  • ارتقي في معاملتك الاية تدعونا للارتقاء في المعاملة فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ هذه الاية تتحدث عن الكافرين و لكنها ايضا تقول إصفح الصفح الجميل يعني التعامل بالخشونه منفرة تعامل بالتي هي احسن حتى لو كان الاخرالكافر معاند حتى لو كان مُصر بالخلق الجميل لذلك الله سبحانه و عالى وَصَف نبيه فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (16)

 هذه هي الميزة و إلا كان مع النبي صل الله عليه و اله كانوا يؤذون النبي لكن هل سمعنا ان النبي تعامل مع احد بشدة ؟ على العكس اللين مطلوب مع الكفار وهذا واضح الاية تتحدث في هذا المجال ، و نقول  ايضا هناك اولوية وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ  (17)

الاقربون اولى بالمعروف المؤمن اقرب من الكافر  فالتعامل مع الكافر مطلوب فيه الرحمه ومطلوب فيه الرقه و مطلوب فيه الليونه فالمؤمن و الاقرب اولى من لا تستطيع هدايته لا تعرض عنه الا بالصفح الجميل كن جميلاً في تعاملك في اعراضك ايضا الحساب على رب العباد اعمل بوظيفتك فقط البعض مثلا ربما يقول انا حريص على الدين و لا بد ان كل كذا و كذا كمن نراهم مثلا يقتلون و يذبحون ويمثلون بدعوى الحرص على الدين و هذا باطل انت مطلوب منك ان تؤدي فقط ما عليك من الوظيفه و الله هو الذي يحاسب عندما تريد ان تنهى عن الفحشاء  او المنكر لا تعادي الاشخاص لا تكن بينك و بين الاشخاص عداوة و انما اجعل كرهك فقط  للفعل و المعصية نفسها

اعفوا عن الناس دائما اجعل العفو دائما هة النهاج عندك في التعالمل كما في الرواية التي عن الامام علي ابن موسى الرضا في تفسيرة هذه الاية العفو من غير عتاب يعني في التعامل اذا جئنا مثلا بين بعضا البعض شخص مثلا خطأ زوجة في البيت خطات او تنت كذا الطرفان مثلا الثاني يعفوا ولكن لا يعتب و يكرر عملتي كذا عمل كذا العتاب مرفوض

ربما ياتي في ذهن احد و يقول اين الحرب ؟

و التحريض على الحروب ومجاهدة الكفار و المنافقين ؟

نقول لا تعارض هناك امر بالتعامل بالعفو بصورة  عامة و لمن عندما يصل الامر في الحروب كما ذكرنا سابقا عندما يصل الى اعتداء الكافر على المسلمين الحروب كانت كلها دفاعية حروب النبي و غزوات النبي ليست ابتدائية دائما اعتداء و النبي يتصدى هو و اصحابه يتصدون للمعتدين و لا يعتدون ،

 

إذاً التعامل بصورة عامه هو العفو ،

إذا عفوت عن احد لا تذكره باخطائة التعامل في البيت مع الاهل  مع الاصدقاء في اي مكان  ،

شخص خطاْ اعتذر اقبل اعتذاره و ذكرنا سابقا اقبل اعتذاره الحديث يقول حتى لو تعلم انه كاذب احاديث كثيره شخص ارتكب خطا في تعامله معك و صدر منه هذا الخطأ الان جاء يعتذر و انت تعلم انه كاذب ،

الحديث يامر و يقول اعفو عنه و صدقه ولو كنت تعلم انه كاذب  تعامل معه انه صادق و لا تذكره بخطإه إذا احسنت لاحد فلا ذكره لاحسانك اعطيت شخص امور لا تقول تفضلت عليك انتهت قدمت له انتهت الامر

 

 

الهوامش

  • سورة الاسراء الاية 10
  • سورة النمل الايتان 4-5
  • سورة المؤمنون الاية 74
  • سورة النحل الاية 22
  • سورة النحل الاية 60
  • سورة الزمر الاية 45
  • سورة القصص الاية 61
  • سورة الكهف الاية 110
  • سورة البقرة الاية 62
  • سورة البقرة الاية 232
  • سورة الانعام الاية 92
  • سورة ص الايتان 45-46
  • سورة ص الاية 47
  • سورة الحجر الاية 86
  • سورة البقرة الاية 109
  • سورة ال عمران الاية 195

سورة الشعراء الاية 215

شاهد أيضاً

تفسير سورة الحجر الحلقة 46

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)  تحدثنا سابقا في الايت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *