تفسير سورة الأعراف الحلقة 27

20/7/2019

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ، لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ( 1 )

 

هذه الآية تواصل الوعيد لمن يكفر بآيات الله و من يستكبر و يرفض الآيات البينات الواضحات الدلالات فتبين هذا الوعيد في هذه الآيات ،

اولا ً ، المفردات ،

يَلِجَ  أي يدخل ،

الْجَمَلُ  البعير ،  و قيل أيضا ً الحبل المتين يسمى جمل ، الحبل الكبير الضخم الذي تجر به السفن الضخمة يسمى جمل ،

سَمِّ الْخِيَاطِ  ثقب الأبرة  التي تخاط بها الثياب الفتحة في الإبرة هي التي تسمى سم الخياط

الْخِيَاطِ  الخياط هي الإبرة ،

جَهَنَّمَ إسم ٌ لنار الآخرة التي يعذب بها المجرمون و ليس لأي نار ، و قيل نار ٌ قعرها عميق ،

مِهَادٌ  الوطاء الذي يفرش و ينام عليه الشخص ، مهد الأطفال و مهد الكبار ، من المهد ،

  غَوَاشٍ الغواشي جمع غاشية و هي ما يغشى الشيء و يستره ، كاللحاف و الغطاء .

 

ثانيا ً : البيان ،

إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا زال الحديث في هذه الآيات حول حول وصف اوضاع الكافرين يوم القيامة و ما سوف يواجههم بعد الموت من وعيد ٍو عذاب ٍ مستمر و هذه الآيات تشير الى الخلود الابدي المحتم الذي لا مفر منه و لا مخرج منه ،

لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ  الكافرون و المستكبرون و اعمالهم لا يذهبون و لا تذهب اعمالهم لغير الجحيم فلا هم يصعدون للسماء و لا اعمالهم و لا عقائدهم و لا طاعتهم و لا الخير و لا الشر من طرفهم لا يصل الى السماء ، لا يرفع الى الله عملهم و لا إعتقادهم أما المؤمنون و المتقون هم الذين ترفع أعمالهم و عقيدتهم و إيمانهم إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ  الى الله يصعد الكلم الطيب و الإعتقاد الطيب يصعد الى الله و العمل الصالح يرفع هذا الإعتقاد الى الله وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ  وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ عن الإمام الباقر عليه السلام أما المؤمنون فترفع اعمالهم و أرواحهم الى السماء فَتُفتح لهم أبوابها و أما الكفار فيصعد بعمله و روحه حتى إذا بلغ الى السماء نادى مناد ٍ إهبطوا به إلى سجين و كما مرت احاديث كثيرة حتى في المنافقين في عملهم تقول الأحدايث يصعد الملك بعمل العبد المنافق الى السماء مبتهجا ً يعني الملك لا يعلم ما وراء حقيقة هذا يصعد به الى السماء مبتهجا ً فيقال له خذه الى سجين او إذهب به إلى سجين ،

 

ما هو المقصود من السماء ،

  1. العلو الظاهري .
  2. العلو المعنوي فيكون كناية عن مقام القرب الى الله فلا يصعد لا يقترب الى الله سبحانه و تعالى في ذلك المقام مقام القرب من الله و ليس المقام المادي .
  3. العول الى السماء يعني الى الجنة السيد الطباطبائي حول هذه الفقرة الذي نفاه الله من تفتيح ابواب السماء مطلق في نفسه فيشمل الفتح لولوج ادعيتهم و صعود اعمالهم ، يعني الكافر دعائه لا يذهب للسماء و اعمالهم ايضا لا تصعد و الارواح لا تصعد الى السماء ثم يقول غير ان تعقيب الآية بقوله وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ، لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ  وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ كـ القرينة على ان المراد نفي ان يفتح بابها لدخول الجنة فإن ظاهر كلامه سبحانه ان الجنة في السماء ، السيد الطباطبائي يختار ان الجنة في السماء فلا يصعدون و لا تفتح لهم ابواب السماء يعني لا يذهبون للجنة لأن الجنة في السماء يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ  وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ( 2 ) و كما يقول تعالى وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ  سورة الذاريات الاية 22 يعني الجنة في السماء .

وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ   كناية عن الإستحالة ، انه مستحيل ، إذا ضرب مثال بالمستحيل تعرف ان مثله يكون مستحيل فكما ان من المستحيل دخول الجمل البعير في فتحت الإيرة فالفتحة في الإبرة لا تكبر و الجمل لا يصغر فمستحيل ، او يدخل الحبل الذي تجر به السفن الى هذه الفتحة ايضا مستحيل فيكون هذا كناية عن ضرب مثال للإستحالة ، فيستحيل ان يدخل المستكبر و المنكر لآيات الله الى الجنة ابدا ً ،

لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ  تبين أيضا إحاطة العذاب الكافرين بهؤلاء الذين يستكبرون و الذين ينكرون الرسالة عصيانا ً و ظلما ً كما بينت ذكرت اربع صفات ،

إن الذين كذبوا ، صفة ،

وَاسْتَكْبَرُوا صفة ثانية ،

وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي  المجرمين  ، إجرام ،

الظَّالِمِينَ ، ظلم ، لأنهم بإستكبارهم صاروا مجرمين ،  بنكرانهم للحق مع وضوحه مستكبر ثم هذا الإنكار إجرام وهو ظلم وظلم للنفس أيضا ً فهؤلاء يقعون في العذاب و يحيط بهم العذاب من فوقهم و من تحتهم يكون المهاد الذي ينام عليه من نار و الغاشية و الذي يتدثر به نار فكل جهة نار و كما قال الله تعالى الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ( 3 ) * وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ  أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ( 4 ) فيتبين ان الذين يستكبرون و بنكرون يكونون في نار ٍ من جميع الجوانب من فوقهم من تحتهم و في باطنهم هم يكونون وقود فهذا وعيد ٌ من الله سبحانه و تعالى لمن ينكر و يستكبر عن آيات الله سبحانه و تعالى .

الهوامش ،

  1. سورة الأعراف الآيتان 40-41
  2. سورة إبراهيم الاية 48
  3. سورة الهمزة الاية 7
  4. سورة البقرة الاية 24

شاهد أيضاً

تفسير سورة الاراف حلقة 103

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *