تفسير سورة الأعراف الحلقة 15

15/6/2019

بسم الله الرحمن الرحيم

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ    ( 1 )  

مقدمة :

في هذه الاية أساس التشريع تبين هذه الاية اساس التشريع الإلهي وهو ،

  1. التوحيد و العبادة و الإخلاص أساس بعثة الانبياء و اساس التوحيد و اساس التشريع هو ان يبدأ بتوحيد الله سبحانه و تعالى و عبادة الله و الإخلاص لله .
  2. العدل و القسط و الإتزان في كل شيء .
  3. ضرورة المعاد والحساب يوم القيامة و بيانه هو دعوة للإستقامة لأن الذي يأمن الحساب لا يستقيم عادة ً و الذي يجعل الحساب نصب عينيه يستقيم فهذا هو التشريع الإسلامي .

اولاً :  المفردات ،

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ  القسط على ما ذكره الراغب  هو النصيب بالعدل كالنصف و النصفة قال لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ  وقال تعالى وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ  القسط هو العدل و اصله عدم اخذ حق الغير و لكن لكثرة الإستعمال كما يقولون صارت تساوي العدل و وضع الشيء في موضعه و المؤدى واحد لان عدم اخذ حق الغير هو وضعه في موضعه .

 

ثانيا ً : البيان ،

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ هذه الاية مقابل الاية السابقة التي تحدثنا عنها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ  تقول هذه الاية ان الله لا يأمر بالفحشاء هنا الأمر بالعكس هنا الامر بعكس الفاحشة المذكور وهو الأمر بالقسط و القسط هو الإعتدال و عدم الإفراط و التفريط في كل شيء يعني ان يلزم الإنسان المقسط الطريق الصحيح الوسط و لا يشد عنه ، فالقسط في العبادة هو الإعتدال يعبد و لا يأخذ العبادة عن غير حقها العبادة حقها لله سبحانه و تعالى فيعبد الله و لا يشرك به شيئا ،

و من هذه الاية يتبين اصل التشريع و الهدف من بعثة الأنبياء كما قال تعالى  لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ  بعث الله الانبياء ليكون الناس في حياتهم متزنين لا إفراط ولا تفريط .

  وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ هناك اقوال كثيرة في تفسير هذه الفقرة منها ،

  1. المعنى ، يقول توجهوا الى قبلة كل مسجد ٍ في الصلاة على إستقامة ، قبلة المساجد اعمل بها يعني توجد قبله في المسجد خذ بها و صلي فيها .
  2. المعنى ، توجهوا في اوقات السجود وهي اوقات الصلاة الي الجهة التي امركم الله بها و هي الكعبة .
  3. المعنى ، إذا ادركتكم الصلاة في مسجد فصلوا فيه و لاتقولوا نرجع الى مساجدنا ، مثلا شخص خرج الى مكان و صار وقت الصلاة يُقال صل ِّ في هذا المسجد و لا ترجع .
  4. إقصدوا المسجد في وقت الصلاة التي فيها جماعة يقول صاحب هذا الرأي اذا كانت صلاة جماعة فإقصدوا المسجد و لاتصلوا خارج المسجد في البيت .
  5. في تفسير العياشي عن الحسين إبن مهران عن ابي عبد الله عليه السلام في قوله وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ  يقول يعني الأئمة يعني توجهوا للأئمة ،

 

الرد و الإشكال على هذه الاقوال في سطر واحد ان السورة مكية و ان الكعبة لم تكن هي القبلة في ذلك الوقت لان الكعبة صارت قبله بعد الهجرة و قبلها لم تكن كان بيت المقدس هو القبلة و لم يكن في مكة مساجد حتى يأتي هذا التفصيل .

6 . اي اعطوا العبادة حقها و تمامها و كمالها فلا يكن توجهكم لها مزحوما ً بخواطر و إنشغالات بل إجعلوا إنقطاعكم لله إنقطاعا ً حقيقيا ً في كل موارد العبادة و الطاعة ، إذا ً إقامة الوجه إعطائه حقه  إعطاء العبادة حقها  ، .

وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ  أي اخلصوا لله في عبادتكم  و لا يشغلكم غيره تعالى حتى العبادة لا تشغلكم عن الله السيد الطباطبائي يقول ان تعطوا العبادة حقها فتتوجهوا لله مخلصين و لايشغلكم شيء عن الله سبحانه و تعالى بل إخلاص تام لله بحيث ان المخلص لله في هذا يقيم وجهه و يعطي حق العبادة فلا و لا يلتفت لغير الله بل حتى لا يلتفت للعبادة و لا تشغله العادة عن الله سبحانه و تعالى لان العبادة طريق فلا يتسمك بالطريق و يترك الهدف وهو الوصول لله سبحانه و تعالى وهي دعوة لخلوص التوحيد لله سبحانه و تعالى .

كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ    

و في هذه اقوال منها ،

  1. تقول ليس بعثكم وحشركم يوم القيامة بأصعب و اشد من خلقكم اول مرة الله سبحانه و تعالى خلقكم ولم تكونوا شيء فبعد ان كنتم و صرتم موجودين فخلقكم مرة ثانية او إعادة هو اسهل و ليس اصعب وهو إشارة لقوله قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ  سورة الاعراف الحلقة الاية  25 إذا هي تشير للبعث و ضرورة البعث وهو تحذير ٌ لمن يشرك بالله سبحانه و تعالى و ينكر المعاد .
  2. كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قول بدأكم فرادى و تعودون كذلك فرادى .

3 . كون  الخلق الاول و الثامي جميعا ً من تراب كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ     بدأكم من تراب تعودون كذلك للحشر من تراب .

4 . تبعثون على ما متم عليه من إيمان ٍ او من فسق ٍ و شرك و كفر فكما بدأكم تعودون بدأكم فريقين و فرق مؤمن و فريق كافر فريق مطيع و فريق انكر الطاعة ، الذين تبعوا إبليس صاروا منكيرن  و عصات فالله تعالى يحشرهم كذلك حسب وضعهم كانوا إن كانوا مؤمنين فمؤمنين ام كانوا كافرين يبعثون كافرين ،

و وجه الشبه في ذلك كما بدأكم فريقين وفريق ٌ ضال و فريقٌ مهتدي كذلك تعودون فريقين ،  فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ سورة العراف الاية  30 فهي إشارة الى حتم هذا الإختلاف و ضرورته و ان الناس إنقسموا في بادئ الخلقة ينقسمون الى فريقين و يعودون في الحشر ايضا الى فريقين فريق مهتدي و فريق ضال .

 

الهوامش ،

 

  1. سورة الاعراف الاية 29

شاهد أيضاً

تفسير سورة الاراف حلقة 103

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *