تفسير سورة الأنبياء الحلقة 42

تفسير سورة الأنبياء الحلقة 42

6/5/2019

بسم الله الرحمن الرحيم

وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ  * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ

حديثنا حول ايات سورة الانبياء مواصلة للحديث السابق  ،،

هاتان الايتان تخاطبان المشركين و تبينان للمشركين ان الاقوام الذين بعث إليهم الأنبياء بعضهم لم يستقم و بعضهم إستقام و الذي لم يستقم كقوم نوح أصابهم الطوفان فإنتهوا و كذلك قوم لوط و غيرهم من الاقوام الذين عصوا الأنبياء  إعترضوا على رسالتهم ،

هنا الأيتان تشيران إلى قوم يونس الذين اتعظوا في آخر فرصة ٍ قبل نزول العذاب فإستقاموا فنجاهم الله ،  و الحديث هنا عن النبي يونس و خروجه عنهم ، الآيتان تعطي دروسا ً كثيرة و نحاول الإستفادة منها و لكن الحديث هنا هو مقدمة ،

درس ٌ في العلاقة بالله سبحانه و تعالى ، و درس ٌ بالإلتزام بتعاليمه و إرشاده و درس ٌ في  ضرورة الإعتذار عن التقصير و إن لم يكن عن عمد ، ربما  الإنسان يكون في موقف تقصير و موقف خطأ و لكنه ليس عامدا ً حتى في ترك الأولى كما هم الانبياء و درسٌ فيب عدم اليئس ، عليه ان لا يكون يائسا ً حتى لو كان كما كان نبي الله يونس في بطن الحوت و درس في ان الذكر و التسبيح المستمر هو طريق النجاة من البلاء و الخلاص من العقوبة و درس في ان الله يرفع البلاء عن الأمة بأكملها إذا صدقت في توبتها و رجعت إلى الله سبحانه و تعالى لذلك قال تعالى فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا استقامت فنفعها إيمانها فتخلصت من العذاب ،

اولا ً : المفردات ،

وَذَا النُّونِ  ، ذو النون هو النبي يونس و النون هو الحوت ، ذو النون يعني صاحب الحوت ،

مُغَاضِبًا ،  أي غضبان ، خرج غضبان ،

نَّقْدِرَ عَلَيْهِ  ، أي نضيق عليه من قبيل وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ قدر عليه يعني ضيق عليه ،

الظُّلُمَاتِ  هي الظلمات التي تعرض إليها النبي يونس و هي ظلمة الليل و ظلمة البحر و ظلمة بطن الحوت ،

ثانيا ً ، القصة مختصرة فيها ،

القصة مذكرة في كذا سورة متفرقة ومذكورة بتفاصيل مختلفة ، ذو النون هو النبي يونس بعثه الله إلى اهل نينوى و كانوا مئة الف او يزيدون بعثه الله اليهم و لم يؤمنوا إلا إثنان فحذرهم النبي يونس بالعذاب ثم نزل الوحي عليه ليخبر الناس ان العذاب سوف يحل عليهم في الوقت الكذا و عند إقتراب موعد العذاب فر النبي يونس و خرج عنهم كأنه آبق لذلك عبرت عنه بعض الآيات بالآبق فلما اوشك ان يصيبهم العذاب و بانت علامات العذاب تابوا إلى الله سبحانه وتعالى و حتى ان الملك فيهم خلع كل شيء و صاروا يذكرون الله و يعبدون الله فكشف الله عنهم العذاب فلم يعد النبي يونس لهم هو خرج عندما رأي ان العذاب قرب و قته لكنه لم  يرجع إليهم فإبتلاه الله تعالى بالحوت هو خرج إلى جانب البحر و وجد سفينة ً يوجد بها كثير من الناس فطلب ان يركب معهم و دفع لهم الاجرة و ركب معهم  فلما صار في عرض البحر هنا تعرض إليهم الحوت الذي أشارة إليه الآيات فتقارعوا بينهم فخرجة القرعة على نبي الله يونس فألقوه إلى الحوت ، قرروا انه لنجاتنا لا بد ان نضحي بشخص ٍ للحوت فألقوا النبي يونس فإبتلعه الحوت فنادى ربه وهو في بطن الحوت فقذفه بعد ان طلب من الله سبحانه و تعالى النجاة و لكن ليس بالطلب الصحيح و إنما بالإعتراف بالتقصير  و التوحيد لله سبحانه و تعالى كما يأتي ثم بعد ان صار على اليابسة و  تعافى أرسله الله الى قومه ثانية ً و هذا إرسال ثاني مختلف عن الإرسال الأول الذي بإيمانهم رفع العذاب عنهم و بإرساله ثانيا ً إستفادوا بهذا الإيمان فنفعهم إيمانهم الثاني بالنبوة ،

ثالثا ً ، البيان ،

ذا النون هو يونس ،

ذهب مغاضبا ً ، أي غضبان مما حيث لم يؤمن به قومه ،

فظن ان لن نقدر عليه ،  أي ظن ان لن نضيق عليه و قيل ان لن نقدر عليه هي كناية عن حركته بخرجه كأنه آبق ٌ فارن ٌ من ربه و هو ليس كذلك و إنما في لسان حاله في خروجه لانه خرج كما يقول المفسرون من غير ان ينتظر الامر  الإلهي ان إخرج او إبقى تعجل فخرج فكأنه فارن ٌ من أمر ربه وهو ليس كذلك و إنما عبر عنه بهذا التعبير فقط لذلك عبرت عنه إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ابق يعني فر من مولاه ،

فنادى في الظلمات ، فيها تقدير محذوفه وهو فإبتلاه الله بالحوت فإلتقمه الحوت إلى آخره فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ هنا تبرأ ان ينسب لله  اي نقص فوحد الله و نزه الله وإعترف بتقصيره إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ إعتراف منه و إقرار انه يعترف بإن فعله ظلم لانه خرج و لم يؤمر بهذا الخروج ،

قوله تعالى فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ لم يصرح بالطلب وهو في بطن الحوت لم يقل يارب نجني و إنما فقط دعى الله سبحانه و تعالى في قوله فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ و هذا هو الذكر اليونسي المعروف عندما يقال ان للذكر اليونسي اثر كبير يقصدون به هذه الاية لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ   *      فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ اي وعد ٌ من الله سبحانه و تعالى ان اي شخص مؤمن يدعو كما دعى النبي يونس و يتوجه لله يوحد الله و يسبحه و ينزهه و يعترف بتقصيره و ظلمه فإن الله سبحانه  و تعالى يستجيب له  و التسبيح هو طريق النجاة لذلك قال تعالى لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ  ( 1 )

الهوامش ،

  1. سورة الصافات الايتان 143 – 144

شاهد أيضاً

تفسير سورة النبياء الحلقة 48

تفسير سورة النبياء الحلقة 48 13/5/2019 بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *