تفسير سورة الأنبياء الحلقة 51

تفسير سورة الأنبياء الحلقة 50

16/5/2019

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ(107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ   فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (108) فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ   وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ   وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ (112) سورة الأنبياء

هذه اخر ايات سورة الأنبياء و هي تبين فحوى و خلاصة ما مر من الدعوة الإلهية في هذه السورة و تبين ان هذه الدعوة إنما هي من اجل رحمة الناس رحمة الله سبحانه و تعالى بعباده فهي تعطي النتيجة من كل ما مر و تحذر المنحرفين عن الحق الى الباطل و الكافرين و المشركين و تبين ان النبي صل الله عليه واله و الذين معه ليسوا ضعافا ً بسبب قلتهم بل هم مع الله و ان الله سينصرهم و يؤيدهم و لكن العذاب ينزل على المناوئين و المحاربين لله و لرسوله متى اراد الله سبحانه و تعالى ،

اولا ً : المفردات  ،

إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا  البلاغ هو الكفاية يعني ما بين من الايات فيه كفاية ،

آذَنتُكُمْ  الإيذان أي الإعلام و الإعلان المقترن بالتهديد اذنتكم يعني تهديد لهم بالعذاب ،

ثانيا ً : البيان ،

  1. إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا أي لقد بينا ان الخالق واحد وهو الرب المتصرف و بينا ان المصير مرهون ٌ بالأعمال فمن يعمل من الصالحات يكون مصيره الفوز الصلاح و من يعمل سوء ً فمصيره الهلاك و الخسارة والإضمحلال ،

و قيل ان في هذا إشارة لكل ما جاء في القرآن هنا كلمة ( هذا ) الإشارة هل هي خاصة بهذه الآية ام بغيرها خاصة بهذه السورة ام بغيرها قيل انها إشارة لكل ما جاء في القرآن ان كل ما ورد في القرآن هذا وهو من المعارف ،

و قيل ان في هذا إشارة الى ما جاء في هذه السورة  خاصة إن في هذا لبلاغ يعني ما مر من البيانات في هذه السورة من القصص و الوعظ و الإرشاد هو بيان فيه الكفاية ،

و قيل ان في هذا إشارة لكل ما جاء في هذه السورة من بشارة للمؤمنين خاصة يعني الاية تتحدث و تشير إلى ما ذكرته الاية من البشارة للمؤمنين لذلك عبرت عنه لقوم ٍ عابدين فهو إشارة انه بشارة ٌ لمن هم عابدون و فيه الكفاية لتطمينهم و لباشرتهم .

  1. لبلاغا ً اي ان كل ما بين في هذه السورة هو ما فيه الكفاية من إيصال المعرفة و المعارف الإلهية التي يستقيم بها الانسان إن سار عليها و إلتزم بها .
  2. وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ اي انت ايها الرسول رحمة للعالمين لكل البشر للمؤمنين منهم و لغير المؤمنين ، رحمة للمؤمنين لانك تعطني المنهج الي يسيرون عليه فيستقيمون فيكون صلاحهم و ضمان اخرتهم لانهم إستقاموا بمنهجك وهم مؤمنون ، و رحمة لاهل الدنيا بستقرار النظام الذي يحفظهم من التعدي عليهم و الظلم لهم حتى لو لم يؤمنوا فهو رحمة لهم ، هو رحمة للمؤمنين و  لغير المؤمنين الله سبحانه و تعالى قال وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ  هذا إشارة الى ان اصل وجود النبي و اصل بعثة النبي صل الله عليه واله هي رحمة و لكن هو رحمة بمعنى المقتضي للرحمة و من يأخذ به يستفيد و من لا يؤخذ به لا يستفيد يذكر مثال في هذا يُقال ان الذي يفتح مستشفى في منطقة و يقول هذا المستشفى عام للجميع من غير تخصيص لا غني و لا فقير فإذا جاء شخص إستفاد منه و إذا قاطعه شخص لم يستفد فذاك لم يستفد بسوء فعله و بسوء إختياره و إلا في اصل وجودة هو رحمة للجميع لان الدين إن عمل به بصدق و إلتزم به بصدق إستقام الناس و صاروا في سعادة و صاروا في أمن ٍ و امان ، الذي يدعي الدين و يقول هو ملتزم بالدين و لكنه يشهر سيفه على غيره و يقتل و يذبح انما الدين الحق الذي إذا إستقام عليه الإنسان ينتج الرحمة و السعادة و الخير للبشرية قاطبة .
  3. لِّلْعَالَمِينَ تعني لكل البشر و تعني كما يقول العلماء إستمرار الدعوة و خاتمية الدعوة إلى يوم القيامة لان العالمين لا يخص زمن معين فرسالة الرسول صل الله عليه واله في وقته هو رسول للموجودين و بعدهم ايضا هو رحمة لمن يوجد إذا ً هو دليل ٌ على خاتمية الرسالة و إستمرار الرسالة دائما ً إلى يوم القيامة بل في الأحاديث ان رحمة الرسول تشمل حتى الملائكة .
  4. قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ  أي ان ما عندي من رسالة ليس إلا ما يوحي إلي َّ ربي من التوحيد و مما يترتب على التوحيد و في التوحيد الرحمة لتجمع الناس حول رب ٍ واحد تقديس لجهة واحدة إله ٌ واحد مدير واحد مدبر احد هو الله سبحانه و تعالى فيجتمع الناس عليه و يكون بهذا التوحيد صفوف الناس متحدة و اهدافهم متحدة و قانونهم واحد فينتج إستقرارا ً في المجمع يعني التوحيد ليس خاليا ً لوحده عندما يوحد الناس الله و يعتقدون بالله يلتزمون في عقيدتهم و في منهجهم و في في قانونهم فيكون الإستقرار و يكون النظام واحدا ً .
  5. فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ إذا وعيتم هذا فهل مسلمون و آخذون به ام انكم تعبدون الاصنام ام انكم تعبدون الشهوات و تطيعون الطواغيت و تتبعونهم ، هل انتم مسلمون بالله و بمنهجه و بما جاء به ام انتم منحرفون عن ذلك .
  6. فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ إذا لم يلتزموا و لم يأخذوا يأتي دور الوعيد و التهديد أي ان لم ينتهوا و لم يستجيبوا فقل اعلمتكم و حذرتكم بما سيصيبكم لكم عذاب بإنتظاركم ، حذرتكم من الخطر الذي يحيط بكم عَلَىٰ سَوَاءٍ يعني لجميعكم من غير إستثناء فلا يقول قرشي انا من قريش و لي ميزة و لا يقول سيد انا سيد و غيري هو الذي يعذب إنما العذاب الذي حذركم به يصيب الغني و الفقير و السيد و غيره ، او معنى اخر انه حذرتكم جميعا ً على سواء لم استثني احدا ً انبأتكم جميعا ً   لم انبه جهة و اترك جهة  او اسايرهم و اداهنهم .
  7. وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ * إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ أي ان العذاب الذي يتوعدكم به الله سبحانه و تعالى إنما توعدكم به لجهركم بالسوء تستهزؤون تسخرون من النبي و من دعوته فالله سبحانه و تعالى يتهددهم و توعدهم على جهرهم بالسوء و على ما يكتمون من تخطيط ومكر ٍ بالنبي صل الله عليه واله ، و أما متى سيقع العذاب فلا ادري النبي صل الله عليه واله يقول وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ و لكني ادري انه آتي .
  8. وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ يقول ربما هذا العذاب اخر عنكم لسبب ٍ اخر وهو إستدراج لكم إختبار لكم إبتلاء لكم حتى يقع الكافرون في كفرهم اكثر فيستحقوا العذاب اكثر فهو من باب الإستدراج .
  9. قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ  النبي صل الله عليه واله بعد ان دعاهم و يأس من استجابتهم توجه لله وقال قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ   ليحكم الله بينه و بين من رد عليه و كفر به ،  أي احكم بحكمك الحق ليس تمييزا ً وإنما إيضاحا ً لانه ليس لله حكم حق و حكم باطل الحكم واحد الله لا يحكم إلا بالحق فهو من باب التوضيح يعني يقول يا رب احكم بيتهم بحكمك الذي هو حق .
  10. وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ يتوجه إليهم النبي صل الله عليه واله و يقول الله سبحانه و تعالى هو الرحمان على الجميع الذي رحمكم إنتبهو إرجعوا إستقيموا الا ترون رحمة الله  عليكم بينه في كل شيء فالرب هو رب الجميع هو الذي خلق الجميع خصوصا ً ان اهل قريش و هذه السورة مكية في قريش و اهل قريش يعلمون بالله سبحانه و تعالى و يؤمنون به و لكنهم يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى كما يدعون فالنبي صل الله عليه و اله يقول الرب هو الرحمن الذي خلق وهو المتكفل بكل شيء اطيعوه و ارجعوا له ثم يقول في ختام هذه وَرَبُّنَا الرَّحْمَٰنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ الله سبحانه و تعالى هو المستعان إذا لجئنا فإنما نلجئ إليه لا تتصورون اننا ضعاف اننا قله لانهم في مكة كانوا قلة فلا تقولوا ان النبي ومن معه قلة و تتصرفون بما يحلوا لكم و تعتدون عليهم فنحن عندنا الله و متى اردنا فإن الله يمدنا بالعون و يخلصنا منكم و ينزل عليكم .

 

 

شاهد أيضاً

تفسير سورة الأنبياء الحلقة 47

تفسير سورة الأنبياء الحلقة 47 11/5/2019 بسم الله الرحمن الرحيم حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *