تفسير سورة الأنبياء الحلقة 49

تفسير سورة الأنبياء الحلقة 49

14/5/2019

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ( 1 )

ما مرت من الإشارات و شيء من التفصيل بما ينال الكافرين من العذاب و انهم يخسرون الدنيا و الاخرة عقب عليه بأن المؤمنين على الطرف المقابل فهم الفائزون الرابحون الذين ينالون الآخرة و يفوزون بها و جائت هذه الآية لتبين اكثر من ذلك ان الفوز ليس خاصا ً  بالاخرة بل هو شامل ٌ للدنيا ايضا ،

اولا ً ، المفردات  ،

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ المراد بالزبور هو كتاب داوود عليه السلام و لقد سمي بهذا الإسم في القرآن الكريم في قوله تعالى وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا و قيل المراد بالزبور هو القرآن و قيل مطلق الكتب المنزلة على الأنبياء ، و قيل المراد بالزبور هو الكتب المنزلة على الأنبياء بعد موسى اي بعد موسى يسمى زبور ،

مِن بَعْدِ الذِّكْرِ  قيل المراد بالذكر هو التوراة كما قال بعض المفسرين و إستشهد ببعض الآيات منها فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ اهل الذكر هم اليهود يعني هي التوراة و كذلك قال تعالى وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ      ( 2 ) فالذكر هو التوراة و قيل المراد به القرآن الكريم و أيضا من قال انه القرآن الكريم استشهد ايضا بآية ٍ من القرآن كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ   وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا ( 3 ) فسمى القرآن انه ذكر ، و كون الذكر بعد الزبور على هذا القول انه إذا قلنا ان الزبور هو كتاب داوود انه التورات فيكون ترتيب ليس زماني وإنما هو ترتيب رتبي بمرتبة يعني انه بمرتبة بعدها

و قيل المراد  به هو اللوح المحفوظ  و بعضهم قال مطلق ما يذكر بالله سبحانه و تعالى يسمى ذكر .

يَرِثُهَا  الوراثة كما ذكرها الراغب إنتقال من غير معاملة كما تنتقل ملكية الاب المتوفى الى ابنائة هذه هي الوراثة ،

ثانيا ً : البيان ،

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ إنا كتبنا في الزبور بعد التوراة اننا سنورث الارض لعبادنا الصالحين هم الذين يتمكنون من الارض و يرثونها و هذا من اوضح العطايا و المكافئات للمؤمنين وهو تشجيع للمؤمنين و تسكين ٌ لهم و حتى تطمئن نفوسهم و لا يصيبهم اليأس و الإحباط مما يرونه في الدنيا ، الدنيا في يد الظالمين و تسلط الظالمين من قديم الأزمان ومستمرة فكيف يحدث الإطمئنان و يستمر المؤمنون في طريقهم و منهجهم الله سبحانه و تعالى بين لهم ان الاخرة لكم و ليس ذلك فقط بل حتى الدنيا سوف تحصلون عليها و من اخلص و لم يوفق في سعادته بالسعادة في حياته الدنيا يأتي زمن الرجعة و يكون مع الامام صاحب الزمان إذا ً هي تطمين ٌ للمؤمنين و تسكين ٌ لهم ،

أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ

أسألة حول وراثة الصالحين للأرض ،

السؤال الأول كيف تكون وراثة الارض ؟

الجواب ، إنتقال التسلط على الأرض و إنتقال منافعها و بركات الارض الى عباد الله الصالحين فجميع بركات الارض و جميع خيراتها و جميع ما يمكن ان يكون عائدا ً على الانسان من الارض يكون في يد الصالحين .

السؤال الثاني متى يكون هذا ؟

الجواب قيل ذلك خاص ٌ بالاخرة الارض سوف تنتهي و لكن فيها عائد و فيها خيرات و فيها بركات هذه البركات تكون للمؤمنين و هناك الوراثة الحقيقية يقول هذا الجواب فهناك المؤمنون يجنون ثمار أعمالهم و يأخذون كل ما أنتجت الارض من خيرات تكون عائدة لهم فالله سبحانه و تعالى عندما خلق الارض جعلها مزرعة جعلها موضع خير و هذا الخير سيرثه المؤمنون  ،

كما يقول تعالى عن المؤمنين حكاية عن اهل الجنة و قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ورثوا الارض في الجنة يتبوؤون من الجنة حيث يشاؤون فالوراثة تقول انها في الجنة أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ *  الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ  فالوراثة تقول انهم يرثون الجنة يوم القيامة هذا رأي ،

رأي آخر يقول هي خاصة ٌ بزمن ظهور الإمام المهدي عليه السلام الذي اخبر بظهوره الرسول صل الله عليه واله و هذا ايضا له مؤيدات و احاديث النبي صل الله عليه واله كثيرة في انه في اخر الزمان يظهر الامام المهدي و المؤمنون و حتى من مات من المؤمنين يعود مع الامام عليه السلام و تستقر امورهم و يملكون في الدنيا سنين بل هناك روايات تقول آلاف السنين يعيشون في الدنيا ،

الجواب الاظهر هو الجمع للجوابين ان الاية مطلقة لم تتكلم عن زمن الظهور بما هو زمن الزهور و لم تتكلم عن الاخرة فقط وإنما ذكرت ان المؤمنين و ان الصالحين يرثون الارض فيكون الجواب مطلق فيشمل الاثنين فالمؤمنون يكونون في الدنيا كذلك و يسيطرون على الدنيا و يحكمون في الدنيا و ايضا يجنون ثمار الدنيا في الاخرة فيكون شاملا ً للاثنين ،

 

السؤال الثالث  ، من هم عباد الله الصالحون ؟

الجواب هم المؤمنون الصالحون و ذلك يعني ان لا وراثة للارض ما لم تتوفر هذه الشروط ن

  1. الإيمان التقوى يقال الشخص صالح إذا إتصف بهذه المواصفات .
  2. المؤهلات العلمية ان يكون عالما عارفا ً لان الإسلام يحث على العلم و التقدم العلمي طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة الشخص الصالح هو الذي يكون متقدما ً في هذا المجال ، الذين يرثون الارض هم المتقدمون في هذه المجالات إيمان ٌ و تقوى و مؤهلات علمية .
  3. و قوة ، المؤمن القوي خير ٌ من المؤمن الضعيف يكونون اقوياء عندهم القدرة فيكونون مؤهلين لان يساعدهم الله سبحانه و تعالى و يمكن لهم في الارض هذه شروط الصلاح عن الإمام الباقر عليه السلام في ذيل هذه الاية قال الصالحون هم اصحاب المهدي في اخر الزمان .

الهوامش ،

  1. سورة الأنبياء الحلقة الآية 105
  2. سورة الأنبياء الاية 48

سورة طه الاية 99

شاهد أيضاً

تفسير سورة الأنبياء الحلقة 47

تفسير سورة الأنبياء الحلقة 47 11/5/2019 بسم الله الرحمن الرحيم حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *